اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 357
ولعل من تمام هذا البحث أن أنقل لك بعض عبارات المؤمنين الصادقين فى التعريف برب العالمين جلت ذاته، وتقدست صفاته.
سأل ذعلب اليمانى عليا كرم الله وجهه فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال رضى الله عنه: أفأعبد ما لا أرى! فقال السائل: وكيف تراه؟ فقال: (لا تدركه العيون بمشاهدة العيان؛ ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين؛ متكلم بلا روية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة.
لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة.
تعنو الوجوه لعظمته؛ [وتجب القلوب من] [1] مخافته» [2].
ومن كلامه رضى الله عنه فى هذا المعنى: «لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود.
أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له». اهـ من نهج البلاغة [3].
وسئل بعض العلماء عن صفته تبارك وتعالى فقال: «هو الواحد المعروف قبل الحدود والحروف».
وسئل آخر عن التوحيد: ما هو؟ فقال: «أن تعلم أنه غير مشبه للذوات ولا منفى الصفات».
ومن أحسن ما قيل فى التنزيه قول بعض الصالحين: «تنزه ربنا عن أحوال خلقه فليس [1] ما بين المعقوفين ساقط من مقال الإمام، وقد استدركته من نهج البلاغة. ومعنى تعنو: تخضع. وتجب القلوب: أى تخفق. [2] انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد (10/ 64) بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. [3] فى نسبة ما جاء فى نهج البلاغة لعلى رضى الله عنه الخلاف المعروف بين الأدباء وسواء أكان القول من كلام على رضى الله عنه أم من كلام الشريف فمعناه من حيث تعظيم الله وحسن الثناء عليه رائع بديع.
(البنا). وممن دافعوا عن نسبتها لعلى رضى الله عنه: ابن أبى الحديد فى شرحه لنهج البلاغة، انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد (10/ 127 - 129).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 357