اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 350
أنواعهم من وثنيين وكتابيين وملاحدة وزنادقة الخ، ومنهم من يؤمن ظاهرا ولا يؤمن قلبه كالمنافقين، ومنهم من يؤمن لفظا ولا يؤمن عملا كالعصاة المسلمين، ومنهم من لا يتحقق بصفات أهل الإيمان الباطنة، مع قيامه بأعمالهم الظاهرة فيكون ناقص الإيمان، ومنهم من يتردد بين الشك والإيمان وهكذا.
[إرشاد القرآن أصحاب الدعوات إلى أهمية الكيف لا الكم]
والحكمة فى تقرير هذا الناموس فى كتاب الله تبارك وتعالى أمور:
(منها) بيان أن الحق لا يعرف بالرجال، بل الحق حق فى نفسه مهما قل تابعوه وكثر مخالفوه، فعلى الناس أن يتلمسوا الحق فى البحث الصحيح، والنظر الصادق، والدليل القوى، والبرهان المقنع، بغير نظر إلى ما سوى ذلك من كثرة الأتباع عددا أو جاها أو قلتهم.
(ومنها) تعزية المصلحين الذين يقضون الزمن الطويل فى الجهاد العنيف، والكفاح الممض، ثم يرون أنهم بعد ذلك كله لم يظفروا إلا بالعدد القليل من المؤمنين، وفيه- إلى جانب هذه التعزية-: إرشاد لأصحاب الدعوات أن تكون وجهتهم فى التكوين أولا الكيف لا الكم، والإيمان الصادق بالمبدإ والعقيدة لا العدد الكثير الذى لا يغنى شيئا، ولهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم شطر مدة الدعوة فى مكة يتخير لها الأكفاء [1]، حتى مكث مدة طويلة ولما يبلغ أصحابه الأربعين، ولكن الرجل منهم كان أمة وحده.
(ومنها) إرشاد المؤمنين إلى وجوب حياطة إيمانهم بصلاح العمل، ومجاهدة النفس، وسد الذرائع، والبعد عن الشبهات، واتباع سبيل الله، حتى لا ينتكسوا ويعودوا بعد الإيمان الكامل إلى مرتبة دون هذه المرتبة، وأكثر ما يكون ذلك إذا قلدوا غيرهم من الأمم، وسلكوا سبيل سواهم ممن لا يدين دينهم ولا يعتقد عقيدتهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ [1] أكفاء بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الفاء وهى جمع كفء، ومن الخطأ الشائع قراءتها: أكفّاء، وهى جمع كفيف أى أعمى، وهذا مما ابتلينا به من وسائل الإعلام من مذيعين ومذيعات لم تسلم لغتهم العربية من التحريف والخطأ، فترى منهم من يقول: وقد قام بهذا العمل: مهندسون أكفّاء، ومعناها أن المهندس الذى بنى البناء أعمى البصر، فليحترز القارئ من مثل هذه الأخطاء اللغوية الشائعة.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 350