اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 33
أبوه إلى أحد شيوخ المسلمين فى مدينة السويس، وكان شيخا ضريرا متقنا لقراءة القرآن، وأوصاه أن يلقن ابنه القرآن، ويحفّظه على أصوله. وقد فعل.
وكان الزعيم السياسى القبطى المعروف مكرم عبيد يحفظ الكثير من القرآن، ويحسن الاقتباس منه فى خطبه إذا خطب، وفى مقالاته إذا كتب، وفى مرافعاته إذا ترافع، فكانت الكلمات القرآنية تكسب كلمة حلاوة، وتضفى عليه طلاوة، وتعطيه قوة لا توجد فى غيره من الكلام.
ومما يفيده حفظ القرآن فى الصغر على أصوله: تقويم اللسان، وضبط الحروف، وإخراجها من مخارجها الصحيحة، وعدم الوقوع فيما يقع فيه العوام وكثير من المتعلمين للأسف، من عدم تعطيش الجيم، وعدم إخراج اللسان فى الثاء والذال والظاء، ونحوها، وعدم تفخيم حروف الإظهار المعروفة من الخاء والصاد والضاد والطاء والظاء والغين والقاف، ونحو ذلك من الأشياء التى تعودناها، ولانت بها ألسنتنا من الصغر، بسبب حفظ القرآن، وأصبحت لنا طبيعة ثانية.
ومثل ذلك متى تفخّم الراء ومتى ترقّق، ومثل ذلك اللام فى لفظ الجلالة (الله) متى تفخم ومتى ترقق" [1].
البنا ومعركة المصحف:
لقد عاش البنا بالقرآن، وعاش للقرآن، عاش يطبق القرآن فى نفسه، ويربى تلامذته على العمل به، كما عاش للقرآن أى: للعمل على إعادته للحياة، فالناس فى عهده لم تكن علاقتهم بالقرآن إلا نيل التبرّك بقراءته، ولم يكن يتجاوز مآتمهم وقبورهم، وقد ظلت هذه الفكرة طويلا فى أذهان الناس أن موضع القرآن القراءة على الموتى، أما أن يعرف الناس أن القرآن دستور يجب أن يطبّق فقد كان من المستغرب لديهم. وهذا ما أحياه حسن البنا فى نفوسهم وضمائرهم من جديد.
" لقد استطاع البنا رغم ما دبّر لوضع حدّ لدعوته- أو حياته- أن يعمل، وأن يضع فى الأرض البذرة الجديدة، بذرة المصحف، البذرة التى لا تموت بعد أن ذوت شجرتها [1] انظر: كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟ للدكتور القرضاوي ص 120، 121. طبعة مركز بحوث السنة والسيرة.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 33