اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 32
ولكن هذه القاعدة لا ينبغى أن تطبق على القرآن، فلا بأس أن يحفظ الصبى القرآن صغيرا، ثم يفهمه كبيرا. لأن الحفظ فى الصغر، كالنقش على الحجر، كما قال الحكيم قديما. ولما قيل له: إن الكبير أوفر عقلا! قال: ولكنه أكثر شغلا! ولقد حفظنا القرآن واختزناه صغارا، فنفعنا الله به كبارا.
على أن من مزايا القرآن: أنه كتاب مبين ميسر. ولهذا يفهمه- فى الجملة- الصغير والكبير، والأمىّ والمتعلم، ويأخذ كل منه على قدره.
وأذكر أنى- وأنا فى الكتّاب- كنت أقرأ القصص ومواعظه وأعرف العبرة العامة منها، وإن خفيت على معانى الغريب من الكلمات والأحكام ونحوها.
ومما أذكره أنى كنت يوما (أسمّع) على فقيه كتابنا الشيخ حامد- رحمه الله- سورة الصافات، وفيها ذكر عدد من قصص المرسلين، ومنهم لوط وقومه الذين دمر الله عليهم، وأهلكهم بعذابه. وفيها يقول تعالى: وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الصافات: 133 - 138].
وقد قرأت الآيتين الأخيرتين هكذا: وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل.
ووصلت (مصبحين وبالليل) ولم أقف على رأس الآية، ثم قرأت" أفلا تعقلون" فقال الفقيه: الله يفتح عليك! فقد عرف الشيخ أننى فهمت المعنى: أنكم تمرون عليهم مصبحين وممسين، بالنهار وبالليل.
وقد وجدنا من إخواننا الأقباط [1] من يحرص على حفظ القرآن، أو أجزاء كثيرة منه، وأن يحفظه أبناؤه فى صغرهم، كما حكى ذلك عن نفسه الدكتور نظمى لوقا الأديب القبطى المصرى فى مقدمة كتابه الشهير: (محمد: الرسالة والرسول) وكيف بعث به [1] لى اعتراض على إطلاق شيخنا الشيخ القرضاوى كلمة" الأقباط" على النصارى، وهو خطأ يقع فيه كثير من الكتاب، فكلمة قبطى لا تعنى النصرانى، بل معناها المصرى القديم، فكل مصرى قديم قبطى، يستوى فى ذلك من كان على ملة النصارى أو غيرها، والأولى أن نعبر عنهم بما عبر به عنهم القرآن الكريم: النصارى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 32