نجاسة المشترك:
الكفر: ضد الإسلام، ومن اتّخذ من دون الله ندّا، ولم يؤمن بالكتب ولا بالأنبياء فهو المشرك، ومن آمن بكتاب نزل ونبى سبق فهو كتابى، وقد يوصف بالشرك أحيانا، وقد يطلق القرآن وصف الكفر على الفريقين.
والنّجاسة نوعان: حسيّة ومعنوية، أو هى لغوية وشرعية، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المشرك نجس نجاسة حسية ومعنوية، وحكى هذا القول عن ابن عباس والحسن البصرى ومالك، وعن الهادى والقاسم والناصر من أئمة أهل المعتزلة، وهو مذهب جمهور الظاهرية والشيعة الإماميّة، وبناء على هذا الرأى: فإن من صافح مشركا وجب عليه أن يطهر يده من نجاسته [2].
وجمهور أئمة المسلمين على خلاف هذا الرأى، ومنهم أهل المذاهب الأربعة، وقد حملوا الآية على النجاسة المعنوية. والسنة تؤيّد ذلك، وأحكام الإسلام العملية تعزّزه، فمن المعلوم أن المسلمين كانوا يعاشرون المشركين ويخالطونهم ولا سيما بعد صلح الحديبية. وكانت رسل المشركين ووفودهم ترد على النبى صلى الله عليه وسلم ويدخلون مسجده، وكذلك أهل الكتاب كنصارى نجران واليهود، ولم يعامل أحد أحدا منهم معاملة الأنجاس، ولم يأمر بغسل شىء مما أصابته أبدانهم. بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة [3]. وأكل من طعام اليهود [4]. وربط ثمامة بن أثال [الحنفى] وهو مشرك
(1) نشرت فى مجلة (الإخوان المسلمون) الأسبوعية فى العدد (174) الصادر فى 11 من ذى الحجة سنة 1366 هـ- 25 من أكتوبر سنة 1947 م. [2] انظر: البحر المحيط (5/ 28) وتفسير الحسن (1/ 412). [3] ذكره صاحب" منار السبيل" ص 14، 15، وقال الشيخ الألبانى عن هذا الحديث: لم أجده، وقد ذكره مجد الدين بن تيمية فى" المنتقى" ومرّ عليه الشوكانى فى" نيل الأوطار" (1/ 70) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوت وروده بشيء! انظر: إرواء الغليل (1/ 72) حديث رقم (36). [4] وذلك عند ما دعته يهودية للطعام، ووضعت فى الشاة سمّا، مات أحد أصحابه منه. رواه الحاكم (4/ 122) وصححه عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه، وأبو داود (4512) وحسنه الشيخ الألبانى فى" صحيح سنن أبى داود" برقم (3784) ورواه الطبرانى فى" الكبير" (2/ 34) عن أبى هريرة رضي الله عنه.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 271