اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 270
تواضعا لله تبارك وتعالى وشكرا له حتى كاد يمس سرجه. وليس كل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فى هذه المفاجأة ما يطير بوساوس الغرور، أو خواطر الاعتداد، حماية لهذه النفوس الكريمة من غوائل هذه الأخلاق الذميمة. ومنها:
3 - المعونة المالية: فقد فتح المسلمون مكة وهى حرم الله وأمنه، ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من دخل الحرم فهو آمن [1]، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن"، فاستأمن الناس ولم يغنم الفاتحون دينارا ولا درهما، وبذلوا لهذه الغزوة من ذات أنفسهم وذات يدهم ما بذلوا [2]، فعوّضهم الله خيرا بهذه الغنيمة من هوازن، وكانت الإبل أربعة وعشرين ألفا، والغنم أربعين ألفا، والفضة أكثر من أربعة آلاف أوقية. ومنها:
4 - التثبيت: فهؤلاء الذين دخلوا فى دين الله أفواجا بعد الفتح لا بدّ أن يروا من لطف الله تبارك وتعالى بنبيه وبالمؤمنين ما يزيدهم يقينا، وقد رأوا ذلك بأعينهم بعد سوء الظن، فكان الدرس أعمق فى نفوسهم أثرا، وأجلّ خطرا، والله ولى المؤمنين. [1] رواه عن أبى هريرة: أحمد (2/ 568) و (3/ 358) ومسلم (1780) والنسائى فى" الكبرى" (11298) وابن حبان (4760) والدارقطنى (3/ 60) والبيهقى فى" السنن" (13/ 439). ورواه عن ابن عباس: أبو داود (3021) و (3022) والبيهقى فى" السنن" (8/ 538) و (13/ 441). ورواه عن العباس بن عبد المطلب: البزار (1292). ورواه عن أنس بن مالك: الطبرانى فى" الكبير" (8/ 14). [2] لعل خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز فهم من هذه الحادثة: أن الإسلام دين هداية لا دين جباية، وأنه دين لا يعنى بكسب المال أكثر من عنايته بكسب القلوب، وذلك عند ما شكا إليه أحد ولاته: أنه فى ولايته يسلم الناس لتسقط عنهم الجزية، واقترح عليه: أن يجعل عليهم الجزية وهم مسلمون! فرد عليه عمر بن عبد العزيز بقولته الخالدة:" قبّح الله رأيك! إن الله بعث محمدا هاديا، ولم يبعثه جابيا".
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 270