أول ما نزل من القرآن:
وكان أول نزوله بمكة فى غار حراء، واستمرّ ينزل بمكة من رمضان سنة 41 إلى ربيع الأول سنة 54 من ميلاده صلى الله عليه وسلم، ونسبة إلى ما نزل منه فى هذه الفترة يساوى 19/ 30 من مجموعه، ويسمى هذا القسم المكى لذلك. ونزل الباقى بالمدينة من ربيع الأول سنة 54 إلى ذى الحجة سنة 63 من ميلاده صلى الله عليه وسلم، وهى السنة العاشرة من الهجرة، وما نزل من القرآن فى هذه الفترة يسمى المدنى لذلك.
وأول آياته نزولا على أرجح الأقوال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [1] خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ [2] اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق: [1] - 5] وقد نزلت فى رمضان فى غار حراء، وسمّيت ليلة النزول ليلة القدر: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
ووصفها القرآن بالبركة والرحمة فى سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الدخان: 3 - 6].
ولا خلاف فى أنها كانت فى رمضان لقول الله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة: 185] ولأن رمضان هو الشهر الذى اعتاد الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة أن يعتكف فيه بالغار ويتحنّث ويتعبّد.
روى ابن إسحاق عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور [1] فى حراء كل سنة شهرا، وكان ذلك مما
تحنّث به قريش فى الجاهلية [2]. [1] أى يعتكف. [2] انظر: سيرة ابن هشام (1/ 253).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 189