اسم الکتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن المؤلف : عبد السلام أحمد الراغب الجزء : 1 صفحة : 231
في الكون متنوعة، فمنها الزواحف، والدواب، والطيور ... إلخ.
قال تعالى في تصوير هذا التنويع في الخلق: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ النور: 45.
فالصورة هنا تؤكد على الأصل الواحد من ماء، ثم التنوّع بعد ذلك في الأشكال والأحجام والألوان والأنواع، كي تظهر قدرة الله في تنويع الأصل الواحد، دلالة على المشيئة الإلهية، وتدبير الله وإحكام صنعه وإتقانه، ونفي فكرة المصادفة العابرة التي لا تتوافق مع هذا التنويع والتنسيق في مخلوقات الله، وهذا التقدير والتدبير لها.
وفكرة التنويع من الأصل الواحد، تكاد تكون ظاهرة عامة في تصوير مشاهد الطبيعة، للتأكيد على عظمة الله وقدرته.
ثم تعرض الصورة لنا، فوائد بعض هذه المخلوقات، مثل الأنعام، التي يستفيد الإنسان من لحومها وألبانها وأصوافها، كما أنها تتخذ أيضا وسائل ركوب، في البر، إلى جانب السفن في البحر: يقول الله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ، وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ المؤمنون: 21 - 22.
ولها منافع معنوية أيضا إلى جانب المنافع المادية يقول تعالى: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ، وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ النحل: 5 - 8.
فالصورة تعرض للمنافع المادية للأنعام، كما تعرض الفائدة الجمالية فيها أيضا، وتصوير المنافع بنوعيها، يلبي حاجات الإنسان الضرورية والفنية أو الجمالية معا، وربط الجمال، بالحاجة الضرورية للإنسان يجعله أيضا ضروريا في الحياة، ومقصودا فيها، لأنه يلبي حاجة فطرية في الإنسان.
فالجمال مرسوم في صورة الأنعام في منظرين جميلين، منظرها وهي متآلفة متجمعة في مكان وأمان، ومنظرها وهي ترعى في حركة وسعي ونشاط.
ومشهد القطعان من المشاهد المثيرة للخيال، والمحببة للنفس، فالخيال يتابع حركة
اسم الکتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن المؤلف : عبد السلام أحمد الراغب الجزء : 1 صفحة : 231