responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 190
وأمَّا قولُنا: (المنطلقُ زيدٌ) والفرْقُ بينه وبين "زيدٌ المنطلق"، فالقولُ في ذلك أنك، وإنْ كنتَ تَرى في الظاهر أنهما سواءٌ من حيثُ كونُ الغرضِ في الحالين إثباتَ انطلاقٍ قد سبق العلمُ به لزيدٍ، فليسَ الأمرُ كذلك؛ بل بين الكلامَيْن فصْلٌ ظاهرٌ؛ وبيانُه أنك إذا قلت: (زيدٌ المنطلقِ)، فأنتَ في حديث انطلاقٍ قد كان، وعرَفَ السامعُ كونَه (إلاَّ أنه لم يَعْلم أَمِنْ زيدٍ كان أمْ مِن عَمرو؟ فإذا قلت: (زيدٌ المنطلقُ)، أزلتَ عنه الشكَّ وجعلْتَه يَقْطعُ بأنه كان مِنْ زيدٍ بعد أن كان يَرى ذلك على سَبيل الجَواز. وليس كذلك إذا قدمت "المنطلقُ"، فقلت: (المنطلقُ زيدٌ). بل يكونُ المعنى حينئذٍ على أنك رأَيْتَ إنساناً ينطلق بالبُعْد منك، فلم يَثْبتْ ولم تعلَمْ أزيدٌ هو أمْ عمروٌ، فقال لك صاحبُك: المنطلقُ زيد. أي هذا الشخصُ الذي تراه من بُعْد هو زيد. وقد تَرى الرجلَ قائِماً بين يديك وعليه ثوبُ ديباجٍ، والرجلُ ممن عرفْتَه قديماً، ثم بَعُدَ عَهْدُك به، فتناسَيْتَه، فيقالُ لك: اللابسُ الديباج صاحبُك الذي كان يكونُ عندك في وقتِ كذا، أمَا تعرِفُه؟ لَشَدَّ ما نَسِيتَ! ولا يكونُ الغَرضُ أن يُثْبَتَ له لبسُ الديباج لاستحالة ذلك من حيثُ إنَّ رؤيتَك الديباجَ عليه تُغْنيك عن إخبار مُخْبر وإثبات مُثْبتٍ لُبسَه له؛ فمتى رأيتَ اسمَ فاعلٍ أو صفةً من الصفات قد بُدئ به فجُعل مبتدأً وجُعل الذي هو صاحبُ الصفة في المعنى، خبراً، فاعلَمْ أن الغرضَ هناك غيرُ الغرض إذا كان اسمُ الفاعل أو الصفة خبراً كقولك: (زيدٌ المنطلقُ).

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست