اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 578
العطف على مغاير في الإعراب هو موطن آخر من مواطن التوسع في القرآن الكريم مثل أن يضاف منصوب يعطف عليه مرفوع أو فعل منصوب يضاف إليه مجزوم ولكل منهم حكمه وهذا لغرض التوسع في المعنى. وفي القرآن الكريم أمثلة عديدة على هذا النوع من التوسع في المعنى منها قوله تعالى في سورة المنافقون (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ {10} ) (أكن) عطف مجزوم على منصوب (فأصّدق) هذا يسمى في النحو عطف على المعنى والفاء في كلمة (فأصدق) تُسمّى فاء السببية في النحو التي تقع بعد الطلب (لأن لولا حرف تحضيض) فلو أسقطنا الفاء وأردنا الطلب نجزم على جواب الطلب (لولا أخرتني أصدّق) كما في قوله تعالى: (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا) أما لما نجيء بالفاء ننصب. معناها إن تؤخرني أكن من الصالحين على تقدير شرط؛ أي جواب شرط مقدّر وفي هذه الآية أراد تعالى معنيين ولم يُرد السبب في المعطوف والمعطوف عليه وأراد تعالى أن يجمع بين السبب وبين الشرط. لو قال تعالى (فأصدّق وأكون) لكان عطف سبب على سبب لكنه أراد أن يجمع المعنيين السبب والشرط أي الإشتراط على النفس والإشتراط فيه توثيق فعطف مجزوم على منصوب لإرادة معنيين. لكن يبقى السؤال لماذا أراد المعنيين؟ لو نظرنا إلى الآية فقد جاء فيها أمرين الصدقة أن يكون من الصالحين وهما ليسا بدرجة واحدة فكون الإنسان من الصالحين أكبر وأعظم من الصدقة وهو الأعم وهو الذي يدخل الجنة ولأنهما ليسا بدرجة واحدة فكيف يفرّق بينهما؟ بعطف المجزوم على المنصوب فقال فأصدّق ثم اشترط على نفسه أن يكون من الصالحين. ولماذا قدّم الصدقة؟ لأن السياق في السورة هو في الصدقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن
اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 578