اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 571
التضمين في النحو هو إشراب لفظ معنى لفظ آخر فيأخذ حكمه. أو كلمة تؤدي مؤدّى كلمتين مثال: فعل يتعدّى بحرف وفعل يتعدّى بآخر والتضمين هو تعدية الفعل بحرف الفعل الثاني. مثال على ذلك قوله تعالى فعل سمع يتعدّى بنفسه في الأصل فنقول سمع الصوت وقوله تعالى (يومئذ يسمعون الصيحة بالحق) ، لكننا في الصلاة وبعد الرفع من الركوع نقول: سمع الله لمن حمد فعل سمع هنا عُدّي باللام لأن المقصود هو فعل استجاب فكأنما أخذنا اللام من فعل الإستجابة وعدّينا فعل سمع بهذه اللام لتعطي معنى الإستجابة وليس الإستماع فليس كل سماع إستجابة.
ومثل ذلك استخدام فعل نصر مع الحرف من كما في قوله تعالى (ونصرناه من القوم) في الأصل يقال (نصر على) لأن فعل نصر يتعدّى بـ (على) و (نجّى من) وفعل نجّى يتعدّى بـ (من) ، وقد استخدم القرآن هاتين الحالتين في مواطن كثيرة وفي آيات كثيرة (فانصرنا على القوم الكافرين) وقوله تعالى (فأنجاه الله من النار) . لكن في هذه الآية قال تعالى (ونصرناه من القوم) عدّى الفعل نصر بما يتعدّى به فعل نجّى أي بحرف (من) وذلك للدلالة على أن المعنى المطلوب هو معنى النصر والنجاة في آن معاً لأن الله تعالى نصره ونجّاه وعاقب القوم وحاسبهم وعذّبهم فجاء فعل نصر بمعنى نجّى فكسب معنى النصر والنجاة أما في حالة (فأنجاه الله من النار) جاء الفعل نجّى متعد بـ (من) لأن المعنى هو النجاة فقط ولا يمكن أن تعاقب النار ولا يُنتصر منها. إذن لقد عدّى فعل نصر بالحرف الذي عدّى فيه فعل نجّى وهذا يسمى التضمين وهو من مواطن التوسع في المعنى في القرآن الكريم.
اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 571