responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 445
أَوْلَى، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ جِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى حِينَ سَلَّمَ مِنَ الْأُولَى صَلَّى عَلَيْهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّيَمُّمُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُعِيدَ التَّيَمُّمَ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْجِنَازَةِ وَنَحْوِهِا لَا يَتَقَدَّرُ بِوَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ، فَالْفِعْلُ الْمُتَوَاصِلُ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ، كَتَوَاصُلِ الْوَقْتِ بِالْوَقْتِ لِلْمَكْتُوبَةِ، فَإِذَا وَجَبَتِ الثَّانِيَةُ بَعْدَ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لِلتَّيَمُّمِ صَارَتْ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا وَانْفَصَلَ وَقْتُهَا عَنْ وَقْتِ الْأُولَى كَصَلَاتَيِ الْوَقْتَيْنِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْمَنْصُوصِ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِمَا، وَحَمَلَ الْقَاضِي هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ خِلَافُهُ؛ فَعَلَى هَذَا النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ " كَالْوِتْرِ " وَالْكُسُوفِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَصَلَاةِ اللَّيْلِ تَبْطُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ، وَأَمَّا النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَالْجِنَازَةِ وَنَحْوِهِا يُقَدَّرُ فِيهِ تُوَاصِلُ الْفِعْلَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إِلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنِ النَّافِلَةِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْمَكْتُوبَةِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِوَقْتِهَا فَيُصَلِّي فِيهِ مَا شَاءَ مِنْ جَنَائِزَ وَنَوَافِلَ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبِيلُ التَّبَعِ لِلْمَكْتُوبَةِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: (النِّيَّةُ: فَإِنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ لَمْ يُصَلِّ بِهِ فَرِيضَةً، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ فَلَهُ فِعْلُهَا وَفِعْلُ مَا شَاءَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا) أَمَّا النِّيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَأَوْكَدُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِمُطَهِّرٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا بِالنِّيَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَسْحَ بِالتُّرَابِ إِذَا خَلَا عَنْ نِيَّةٍ كَانَ عَبَثًا وَتَغْبِيرًا مَحْضًا، وَقَدْ قِيلَ: لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بِلَفْظِ الْقَصْدِ بِقَوْلِهِ " {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] " وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ لِلتُّرَابِ لَا لِنَفْسِ الْعِبَادَةِ.
وَصِيغَةُ النِّيَّةِ هُنَا أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَمْنَعُهَا الْحَدَثُ كَالصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ، فَأَمَّا إِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ، وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ رِوَايَةً: أَنَّهُ يَصِحُّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ كَالْوُضُوءِ فِي صِحَّةِ بَقَائِهِ إِلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَعَلَى هَذَا فَصِفَةُ نِيَّتِهِ كَصِفَةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، أَنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا يَجِبُ لَهُ التَّيَمُّمُ

اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست