responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 444
كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ لِأَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ " أَصَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ» سَمَّاهُ جُنُبًا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَدْ تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ.
وَلِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ اسْتَعْمَلَهُ بِحُكْمِ الْحَدَثِ السَّابِقِ، فَلَوْ كَانَ الْحَدَثُ قَدِ ارْتَفَعَ لَمَا عَادَ إِلَّا بِوُجُودِ سَبَبِهِ، فَمَنْ قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِفِعْلِ كُلِّ صَلَاةٍ، تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآثَارِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهُ يَتَيَمَّمُ كُلَّ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَعْهُودَةِ، هِيَ الْمَكْتُوبَاتُ فِي أَوْقَاتِهَا لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى " وَالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِفِعْلِ كُلِّ نَافِلَةٍ وَوَاجِبٍ فَمَا قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى، بَلْ قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِلرَّوَاتِبِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَقَوْلُ عَلِيٍّ: عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، تَنْبِيهٌ عَلَى الْوَقْتِ، وَلِأَنَّ النَّوَافِلَ تُفْعَلُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَبِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ، فَكَذَلِكَ الْفَرَائِضُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ طَهَارَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ إِنَّمَا تَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ مَعَ دَوَامِ الْحَدَثِ وَتَجَدُّدِهِ فَطَهَارَةُ الْمُتَيَمِّمِ أَوْلَى، وَإِذَا نَوَى الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ صَارَ وَقْتُهَا وَقْتًا وَاحِدًا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ فِي وَقْتِ الْأُولَى لَهُمَا أَوِ الْفَائِتَةِ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَإِذَا اسْتَبَاحَ مَا تَمْنَعُ مِنْهُ الْجَنَابَةُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ حَدَثُ الْحَيْضِ كَالْوَطْءِ، بِتَيَمُّمٍ لَهُ، أَوْ لِصَلَاةٍ، بَطَلَ أَيْضًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَفِي الْآخَرِ لَا تَبْطُلُ كَمَا لَا تَبْطُلُ إِلَّا بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ إِذَا اسْتَبَاحَ ذَلِكَ بِتَيَمُّمِ الصَّلَاةِ دُونَ مَا اسْتَبَاحَهُ بِتَيَمُّمِهِ.

فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ طَوَافَيْنِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافٍ مَنْذُورٍ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ صَلَاتَيْ جِنَازَةٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، كَالْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَأَوْلَى، وَتَبْطُلُ كَذَلِكَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَالتَّيَمُّمِ لِلْفَرِيضَةِ، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِلنَّافِلَةِ مُقَدَّرٌ بِوَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا بَطَلَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ، فَمَا سِوَاهُ

اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست