responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 104
وَحُكْمُهَا مَا يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ، وَكَثِيرًا مَا يُعَرِّفُونَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَطُّ مَوَاقِعِ أَنْظَارِهِمْ. وَعَرَّفَهَا الشُّمُنِّيُّ بِمَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ بِفِعْلِهِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُسْتَحَبٍّ لَكِنَّهُ تَعْرِيفٌ لِمُطْلَقِهَا، وَالشَّرْطُ فِي الْمُؤَكَّدَةِ الْمُوَاظَبَةُ مَعَ تَرْكٍ وَلَوْ حُكْمًا، لَكِنَّ شَأْنَ الشُّرُوطِ أَنْ لَا تُذْكَرَ فِي التَّعَارِيفِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّأْسِ، لَا أَنَّ كُلًّا مِنْهَا فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ حُكْمُ الْفَرْضِ؛ وَلِذَلِكَ آثَرَ فِيهِ صِيغَةَ الْمُفْرَدِ، وَمَنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ الْأَنِيقَةِ سَلَكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَسْلَكَ الْإِفْرَادِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِيمَا مَرَّ: وَرُكْنُ الْوُضُوءِ بِالْإِفْرَادِ لِاتِّحَادِ الدَّلِيلِ وَهُوَ الْآيَةُ، وَاتِّحَادِ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ فَسَادِ الْبَعْضِ بِتَرْكِ الْبَعْضِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: مَا يُؤْجَرُ إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ لَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ لَهَا الْأَجْرُ وَاللَّوْمُ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يُؤْجَرُ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى الْأَجْرِ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ: أَيْ الْأَجْرُ الَّذِي يُؤْجَرُهُ؛ وَعَلَى كُلٍّ؛ فَالْمُنَاسِبُ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَيُلَامُ) أَيْ يُعَاتَبُ بِالتَّاءِ لَا يُعَاقَبُ، كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنْ فِي التَّلْوِيحِ تَرْكُ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ قَرِيبٌ مِنْ الْحَرَامِ يَسْتَحِقُّ حِرْمَانَ الشَّفَاعَةِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ تَرَكَ سُنَنِي لَمْ يَنَلْ شَفَاعَتِي» . اهـ. وَفِي التَّحْرِيرِ: إنَّ تَارِكَهَا يَسْتَوْجِبُ التَّضْلِيلَ وَاللَّوْمَ،. اهـ. وَالْمُرَادُ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْرَارِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِالْغَسْلِ مَرَّةً إنْ اعْتَادَهُ أَثِمَ، وَإِلَّا لَا.
وَفِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْمَ مَنُوطٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قِيلَ: لَا يَأْثَمُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْثَمُ، ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِالْإِثْمِ لِمَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ مَعَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ لِمَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَهُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِثْمَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ بَعْضُهُ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، فَالْإِثْمُ لِتَارِكِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ أَخَفُّ مِنْ الْإِثْمِ لِتَارِكِ الْوَاجِبِ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ هُنَاكَ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ مَعْزِيًّا إلَى أُصُولِ أَبِي الْيُسْرِ: حُكْمُ السُّنَّةِ أَنْ يُنْدَبَ إلَى تَحْصِيلِهَا، وَيُلَامَ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ لُحُوقِ إثْمٍ يَسِيرٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَثِيرًا إلَخْ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَمَا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْكَثْرَةِ: أَيْ وَيُعَرِّفُونَ بِالْحُكْمِ تَعْرِيفًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) الْمَحَطُّ: مَوْضِعُ الْحَطِّ مُقَابِلُ الرَّفْعِ، وَمَوَاقِعُ جَمْعُ مَوْقِعٍ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْوُقُوعِ وَالْأَنْظَارُ جَمْعُ نَظَرٍ: بِمَعْنَى التَّأَمُّلِ وَالتَّفْكِيرِ أَيْ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ مَحَلُّ وُقُوعِ أَنْظَارِهِمْ، أَيْ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ لِلْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَهَا الشُّمُنِّيُّ) أَيْ عَرَّفَ السُّنَّةَ اصْطِلَاحًا، أَمَّا هِيَ لُغَةً فَالطَّرِيقَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ قَبِيحَةً ط (قَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِهِ) يَنْبَغِي زِيَادَةُ أَوْ تَقْرِيرُهُ إلَّا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ عَدَمُ النَّهْيِ عَمَّا يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، يَعْنِي أَنَّهُ كَفٌّ، وَالْكَفُّ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ النَّفْسِ ط (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْفَرْضَ ط (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ تَعْرِيفٌ لِمُطْلَقِهَا) أَيْ لِمُطْلَقِ السُّنَّةِ الشَّامِلِ لِقِسْمَيْهَا، وَهُمَا السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ الْمُسَمَّاةُ سُنَّةَ الْهَدْيِ، وَغَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ الْمُسَمَّاةُ سُنَّةَ الزَّوَائِدِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ الْمُرَادِفُ لِلنَّفْلِ وَالْمَنْدُوبِ فَهُوَ قَسِيمٌ لَهَا لَا قِسْمٌ مِنْهَا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَافْهَمْ، وَأَفَادَ بِالِاسْتِدْرَاكِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ السُّنَّةِ هُنَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) كَعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّرْكِ حَقِيقَةً، فَدَخَلَ الِاعْتِكَافُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَإِنْ وَاظَبَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ وَمُقْتَضَاهَا وُجُوبُ الِاعْتِكَافِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُنْكِرْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَنْ لَمْ يَعْتَكِفْ كَانَ ذَلِكَ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ التَّرْكِ حَقِيقَةً، وَالْمُرَادُ أَيْضًا الْمُوَاظَبَةُ وَلَوْ حُكْمًا لِتَدْخُلَ التَّرَاوِيحُ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا، وَهُوَ خَوْفُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْنَا ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ بِلَا تَرْكٍ تُفِيدُ الْوُجُوبَ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يُخَالِفُ، فَإِنَّهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى سُنِّيَّةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست