responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 103
أَفَادَ أَنَّهُ لَا وَاجِبَ لِلْوُضُوءِ وَلَا لِلْغُسْلِ وَإِلَّا لَقَدَّمَهُ، وَجَمَعَهَا لِأَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ مُسْتَقِلَّةٌ بِدَلِيلٍ وَحُكْمٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَطْلَبٌ فِي السُّنَّةِ وَتَعْرِيفِهَا
، وَالسُّنَّةُ نَوْعَانِ: سُنَّةُ الْهَدْيِ، وَتَرْكُهَا يُوجِبُ إسَاءَةً وَكَرَاهِيَةً كَالْجَمَاعَةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَنَحْوِهَا. وَسُنَّةُ الزَّوَائِدِ، وَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ كَسَيْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي لِبَاسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ. وَالنَّفَلُ وَمِنْهُ الْمَنْدُوبُ يُثَابُ فَاعِلُهُ وَلَا يُسِيءُ تَارِكُهُ، قِيلَ: وَهُوَ دُونَ سُنَنِ الزَّوَائِدِ.
وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّفَلَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَسُنَنُ الزَّوَائِدِ مِنْ الْعَادَاتِ، وَهَلْ يَقُولُ أَحَدٌ إنَّ نَافِلَةَ الْحَجِّ دُونَ التَّيَامُنِ فِي التَّنَعُّلِ وَالتَّرَجُّلِ، كَذَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي تَغْيِيرِ التَّنْقِيحِ وَشَرْحِهِ.
أَقُولُ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّفْلِ وَسُنَنِ الزَّوَائِدِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَرْكُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ كَوْنُ الْأَوَّلِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالثَّانِي مِنْ الْعَادَاتِ، لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ هُوَ النِّيَّةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِلْإِخْلَاصِ، كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَجَمِيعُ أَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا كَمَا بُيِّنَ فِي مَحَلِّهِ.
وَأَقُولُ: قَدْ مَثَّلُوا لِسُنَّةِ الزَّوَائِدِ أَيْضًا «بِتَطْوِيلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» ، وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ ذَلِكَ عِبَادَةً، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَوْنِ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ عَادَةً أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ عَادَةً لَهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا إلَّا أَحْيَانًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ، فَهِيَ فِي نَفْسِهَا عِبَادَةٌ وَسُمِّيَتْ عَادَةً لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الدِّينِ وَشَعَائِرِهِ سُمِّيَتْ سُنَّةَ الزَّوَائِدِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الْهَدْيِ، وَهِيَ السُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ الْوَاجِبِ الَّتِي يُضَلَّلُ تَارِكُهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ، وَبِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالُوا مَا شُرِعَ لَنَا زِيَادَةً عَلَى الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ بِنَوْعَيْهَا؛ وَلِذَا جَعَلُوا قِسْمًا رَابِعًا، وَجَعَلُوا مِنْهُ الْمَنْدُوبَ وَالْمُسْتَحَبَّ، وَهُوَ مَا وَرَدَ بِهِ دَلِيلُ نَدْبٍ يَخُصُّهُ، كَمَا فِي التَّحْرِيرِ؛ فَالنَّفَلُ مَا وَرَدَ بِهِ دَلِيلُ نَدْبٍ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِذَا كَانَ دُونَ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ. وَقَدْ يُطْلَقُ النَّفَلُ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَابُ الْوَتْرِ وَالنَّوَافِلِ، وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الْحَجِّ نَافِلَةً لِأَنَّ النَّفَلَ الزِّيَادَةُ، وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى الْفَرْضِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ الْعَامَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَثْلِيثِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَمِنْ رَفْعِهِمَا لِلتَّحْرِيمَةِ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا
، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، فَاغْتَنِمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّك لَا تَجِدْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (قَوْلُهُ: أَفَادَ إلَخْ) حَيْثُ ذَكَرَ السُّنَنَ عَقِبَ الْأَرْكَانِ هُنَا وَفِي الْغُسْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمَا وَاجِبًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُفِيدًا ذَلِكَ لَقَدَّمَ ذِكْرَ الْوَاجِبِ عَلَى السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، فَمُقْتَضَى الصِّنَاعَةِ تَقْدِيمُهُ.
وَأَرَادَ بِالْوَاجِبِ مَا كَانَ دُونَ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ، وَهُوَ أَضْعَفُ نَوْعَيْ الْوَاجِبِ، لَا مَا يَشْمَلُ النَّوْعَ الْآخَرَ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي قُوَّةِ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ، لِأَنَّ غَسْلَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ وَمَسْحَ رُبُعِ الرَّأْسِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي، وَكَذَا غَسْلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ الَّذِي يَكْفُرُ جَاحِدُهُ، تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلْوُضُوءِ وَلِلْغُسْلِ عَنْ نَفْسِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ فَرْضًا وَوَاجِبًا وَسُنَّةً وَنَفْلًا كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَكَذَا الْغُسْلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَهَا) أَيْ السُّنَنَ حَيْثُ أَتَى بِهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا مُفْرَدَةً كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ وَسُنَّتُهُ.
(قَوْلُهُ: مُسْتَقِلَّةٌ بِدَلِيلٍ وَحُكْمٍ) قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ عِنْدَ مَنْ تَأَمَّلَ فِي الْهِدَايَةِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ وَتَرْكِهَا مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ يَتَرَتَّبُ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ مِنْهَا وَتَرْكِهِ مُنْفَرِدَةً كَانَتْ أَوْ مُجْتَمِعَةً مَعَ أَخَوَاتِهَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي الْفَرْضِ كَذَلِكَ، فَإِنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ مَجْمُوعُ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ وَمَسْحِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست