responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 81
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ مَاءَهَا حَتَّى صَارَ كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ وَمَاءِ دِيَارِ بَابِلَ.

(وَ) ثَالِثُهَا مَاءٌ (طَاهِرٌ) فِي نَفْسِهِ (غَيْرُ مُطَهِّرٍ) لِغَيْرِهِ (وَهُوَ) الْمَاءُ الْقَلِيلُ (الْمُسْتَعْمَلُ) فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ عَنْ حَدَثٍ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى؛ أَمَّا كَوْنُهُ طَاهِرًا فَلِأَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا لَا يَحْتَرِزُونَ عَمَّا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَادَ جَابِرًا فِي مَرَضِهِ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ وَضُوئِهِ» . وَأَمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ مُطَهِّرٍ لِغَيْرِهِ فَلِأَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا مَعَ قِلَّةِ مِيَاهِهِمْ لَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِلِاسْتِعْمَالِ ثَانِيًا بَلْ انْتَقَلُوا إلَى التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَثِمَ الشَّخْصُ بِتَرْكِهِ كَحَنَفِيٍّ تَوَضَّأَ بِلَا نِيَّةٍ أَمْ لَا كَصَبِيٍّ إذْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلسِّحْرِ هُوَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ، وَكَانَ السِّحْرُ فِي شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِيهِ إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَمَرَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقْرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لِإِبْطَالِ السِّحْرِ، وَكَذَا يُكْرَهُ مَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ، فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَهِيَ الْمُشَمَّسُ وَشَدِيدُ الْحَرَارَةِ وَشَدِيدُ الْبُرُودَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ ثَمُودَ إلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ، وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ، وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ مَاءَهَا) أَيْ وَمَسَخَ طَلْعَ النَّخْلِ الَّذِي حَوْلَهَا حَتَّى صَارَ كَرُءُوسِ الشَّيَاطِينِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
قَوْلُهُ: (بَابِلَ) هِيَ مَدِينَةُ السِّحْرِ بِالْعِرَاقِ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ صِرْفٍ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَلَا تَغَيَّرَ عَادَ طَهُورًا ق ل.
قَوْلُهُ: (الْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الظَّرْفَ صِلَةُ الْمُسْتَعْمَلِ فَهُوَ ظَرْفٌ لِغَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْ: مَاءٌ حَصَلَ اسْتِعْمَالُهُ فِي فَرْضٍ فَالِاسْتِعْمَالُ مَظْرُوفٌ، وَالْفَرْضُ ظَرْفٌ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَرْضَ هُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ أَيْضًا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ الْمَظْرُوفَ هُوَ اللُّغَوِيُّ الْعَامُّ وَالظَّرْفُ هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الشَّرْعِيُّ الْخَاصُّ فَهُوَ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (عَنْ حَدَثٍ) أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي غَسْلِ مَا نَجُسَ بِنَحْوِ كَلْبٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ التُّرَابُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ نَحْوِ كَلْبٍ مَرَّةً ثَانِيَةً عَلَى الْمُرَجَّحِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر. وَإِنْ جَرَى الْمُصَنِّفُ أَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً كَحَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ غَسْلِهِ وَجَفَافِهِ وَكَدَوَاءٍ دُبِغَ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ الدَّبْغَ مِنْ بَابِ الْإِحَالَةِ وَالْحَجَرُ لَيْسَ رَافِعًا فَلْيُتَأَمَّلْ ق ل وا ج. وَذِكْرُ حُكْمِ التُّرَابِ هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ. قَوْلُهُ: (كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا الْأُولَى، وَإِمَّا تَمْثِيلِيَّةٌ لِتَدْخُلَ الْمَسْحَةُ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَقَالَ ق ل: الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ تَمْثِيلِيَّةٌ لِإِدْخَالِ الْمَسْحِ، أَوْ مَاءِ غَسْلِ الْجَبِيرَةِ، أَوْ الْخُفِّ بَدَلَ مَسْحِهِمَا، أَوْ بَقِيَّةِ السَّبْعِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ اهـ. قَوْلُهُ (فِي مَرَضِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ جَابِرًا عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (مِنْ وَضُوئِهِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُسْتَعْمَلِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ تَحْصِيلَ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ فَعَدَمُ الْجَمْعِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ احْتَمَلَتْ اهـ. أَيْ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الْبَعِيدَ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف فِيهِ: إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوهُ لِكَوْنِهِ قَلِيلًا بَعْدَ جَمْعِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ كَثْرَةٍ وَمَعَ كَوْنِهِمْ كَانُوا يَغْتَسِلُونَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَهُوَ مَعَ كَثْرَتِهِ لَمْ يَجْمَعُوهُ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مَاءَهُمَا يُخَالِطُ غَالِبًا مَاءَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ مُسْتَعْمَلًا فَلَمْ يَجْمَعُوهُ لِذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَصِرُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ) فَيُكْرَهُ شُرْبُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَحْرُمُ قَوْلُهُ: (مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَهُوَ مَا لَا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ إلَّا بِهِ.
قَوْلُهُ: (كَحَنَفِيٍّ تَوَضَّأَ إلَخْ) وَإِنَّمَا مَثَّلَ بِالْحَنَفِيِّ لِأَنَّ وُضُوءَهُ خَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَثِمَ بِتَرْكِهِ لِلْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (كَصَبِيٍّ) أَيْ مُمَيِّزٍ تَوَضَّأَ وَنَوَى أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ كَذَلِكَ كَأَنْ وَضَّأَ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست