responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 8
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضِهِمْ: لَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى إقَامَةِ الْحُجَجِ لَكَانَ أَوْلَى، لَكِنَّهُ أَخَّرَهُ لِأَجْلِ السَّجْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَالْوَضْعِيَّةِ، وَجُمْلَةُ التَّكْلِيفِيَّةِ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي خِلَافِ الْأُولَى، وَالْوَضْعِيَّةُ خَمْسَةٌ، لِأَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ هُوَ الْخِطَابُ الْوَارِدُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَالْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ وَهُوَ لُغَةً إثْبَاتُ أَمْرٍ لِأَمْرٍ أَوْ نَفْيُهُ عَنْهُ وَاصْطِلَاحًا خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ أَيْ كَلَامُهُ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا كَالْمُتَعَلِّقِ بِالْمُكَلَّفِينَ أَوْ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا كَالْمُتَعَلِّقِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ إذَا كُلِّفُوا خُوطِبُوا بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّنْجِيزِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْأَحْكَامِ بِالنِّسَبِ التَّامَّةِ كَثُبُوتِ الْوُجُوبِ لِلنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ، كَمَا فَسَّرَ بِهَا الْجَلَالُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِيَشْمَلَ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ وَالْعَقْلِيَّةَ وَلِأَنَّهَا الَّتِي يُقَامُ عَلَيْهَا الدَّلِيلُ قَالَ ق ل: لَوْ حُذِفَ لَفْظٌ مَعْرِفَةٌ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَوَجْهُ الْعُمُومِ شُمُولُهُ لِغَيْرِ الْمَعْرِفَةِ كَالْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ وَنَحْوِهِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُفْرَدَاتِ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ الْأَحْكَامَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النِّسَبُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ الْعِلْمُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ تَرَادُفِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ.

[مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ]
قَوْلُهُ: (وَأَوْدَعَ الْعَارِفِينَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَوْ أَبْدَلَهَا بِأَوْزَعَ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَلْهَمَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} [النمل: 19] لَكَانَ أَوْلَى إذْ الْوَدِيعَةُ شَأْنُهَا الرَّدُّ كَمَا قَالَ:
وَمَا الْمَالُ وَالْأَهْلُونَ إلَّا وَدَائِعُ ... وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ تُرَدَّ الْوَدَائِعُ
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَدِيعَةِ شَأْنُهَا الرَّدُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِخِلَافِ الدِّينِيَّةِ كَمَا هُنَا، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَعْدُهُ لَا يَتَخَلَّفُ فَبِالْأَوْلَى مَا أَوْصَلَهُ إلَى عَبِيدِهِ. وَأَمَّا سَلْبُ الْإِيمَانِ وَنَحْوِهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَنَادِرٌ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَشَكَرَهَا لَا يَسْلُبُهَا عَنْهُ. وَيُجَابُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِأَوْدَعَ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ، وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ، بَلْ جَمِيعُ مَا عِنْدَ الْعَبْدِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ حَقِيقَةً بَلْ الْمَالِكُ لَهُ حَقِيقَةً هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. ح ف.
مَبْحَثٌ فِي قَوْلِهِمْ: حَقِيقَةٌ بِلَا شَرِيعَةٍ بَاطِلَةٌ وَشَرِيعَةٌ بِلَا حَقِيقَةٍ عَاطِلَةٌ وَقَوْلُهُ: (الْعَارِفِينَ) جَمْعُ عَارِفٍ وَهُمْ عُلَمَاءُ الْحَقِيقَةِ، وَبِالضَّرُورَةِ يَلْزَمُهَا عِلْمُ الشَّرِيعَةِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَقِيقَةٌ بِلَا شَرِيعَةٍ بَاطِلَةٌ وَشَرِيعَةٌ بِلَا حَقِيقَةٍ عَاطِلَةٌ، مِثَالُ الْأَوَّلِ إذَا قُلْت لِشَخْصٍ: صَلِّ الظُّهْرَ، فَقَالَ: إنْ كَانَ اللَّهُ كَتَبَنِي سَعِيدًا أُدْخِلْت الْجَنَّةَ وَإِنْ لَمْ أُصَلِّ، أَوْ إنْ كَانَ اللَّهُ قَدَّرَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ صَلَّيْت فَقَدْ نَظَرَ لِبَاطِنِ الْأَمْرِ، وَمِثَالُ الثَّانِي إذَا قَالَ الشَّخْصُ: لَا أُصَلِّي إلَّا لِأَجْلِ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلَا أَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا بِالصَّلَاةِ مَثَلًا، فَهَذِهِ شَرِيعَةٌ عَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا عَاطِلَةً أَنَّ وُجُودَهَا كَعَدَمِهَا عِنْدَهُمْ، لِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْعَمَلِ وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَةً فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ.
مَبْحَثٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ لَهُمْ شَرِيعَةً وَهِيَ أَنْ تَعْبُدَهُ تَعَالَى، فَعِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى شَرِيعَةٌ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِيعَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَحْكَامِ وَطَرِيقَةٌ وَهِيَ أَنْ تَقْصِدَهُ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَحَقِيقَةٌ وَهِيَ نَتِيجَتُهُمَا وَهِيَ أَنْ تَشْهَدَ بِنُورٍ أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِي سُوَيْدَاءِ الْقَلْبِ أَيْ وَسَطِهِ، أَنَّ كُلَّ بَاطِنٍ لَهُ ظَاهِرٌ وَعَكْسُهُ أَيْ كُلُّ ظَاهِرٍ لَهُ بَاطِنٌ مَعْلُومٌ، كَخَرْقِ الْخَضِرِ لِلسَّفِينَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُنْكَرًا ظَاهِرًا فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْبَاطِنِ، لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِنَجَاةِ السَّفِينَةِ مِنْ الْمَلِكِ، وَالْأَوْلَى أَنْ تُعْرَفَ الْحَقِيقَةُ بِعِلْمِ بَوَاطِنِ الْأُمُورِ كَعِلْمِ الْخَضِرِ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مَعَ مُوسَى مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ وَغَيْرِهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ مَفْسَدَةً فِي الْبَعْضِ، وَالشَّرِيعَةُ ظَاهِرُ الْحَقِيقَةِ وَالْحَقِيقَةُ بَاطِنُهَا وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ مَعْنًى كَمَا سَبَقَ وَمَثَّلْت الثَّلَاثَةَ بِالْجَوْزَةِ، فَالشَّرِيعَةُ كَالْقِشْرِ الظَّاهِرِ، وَالطَّرِيقَةُ كَاللُّبِّ الْخَفِيِّ، وَالْحَقِيقَةُ كَالدُّهْنِ الَّذِي فِي بَاطِنِ اللُّبِّ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إلَى اللُّبِّ إلَّا

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست