responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 71
وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَفَى غَيْرُهُ لَمَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَوْلِ بِهِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ، لِأَنَّ الطُّهْرَ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ تَعَبُّدِيٌّ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ مَعْقُولُ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ إذَا أُضِيفَ إلَى الْعُقُودِ كَانَ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ، وَإِذَا أُضِيفَ إلَى الْأَفْعَالِ كَانَ بِمَعْنَى الْحِلِّ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّ مَنْ أَمَرَّ غَيْرَ الْمَاءِ عَلَى أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَا يَصِحُّ وَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ تَقَرَّبَ بِمَا لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلتَّقَرُّبِ فَعَصَى لِتَلَاعُبِهِ، (سَبْعُ مِيَاهٍ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ أَحَدُهَا (مَاءُ السَّمَاءِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11]
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحَدِيثِ مِنْ مَاءٍ وَتَقْيِيدُهُ بِهِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذَّنُوبَ يُطْلَقُ أَيْضًا حَقِيقَةً عَلَى الدَّلْوِ الْفَارِغَةِ وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ الذَّنُوبُ الدَّلْوُ أَوْ وَفِيهَا مَاءٌ أَوْ الْمُمْتَلِئَةُ أَوْ الْقَرِيبَةُ مِنْ الْمِلْءِ أَيْ فَيُحْمَلُ الذَّنُوبُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الدَّلْوِ فَقَطْ، وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَاءٍ؛ تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّجَوُّزِ بِالذَّنُوبِ عَنْ مُطْلَقِ الدَّلْوِ. وَقَوْلُهُ: الْمُمْتَلِئَةُ يُفِيدُ أَنَّ الدَّلْوَ مُؤَنَّثَةٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهَا تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْغَالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ، وَقَدْ تُذَكَّرُ وَتَصْغِيرُهَا دُلَيَّةٌ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَدْلٍ. وَفِي الْكَثْرَةِ دِلَاءٌ وَدُلِيٌّ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَأَدْلَيْت الدَّلْوَ أَيْ أَرْسَلْتهَا فِي الْبِئْرِ، وَدَلَوْتهَا نَزَعْتهَا مِنْهَا اهـ إشَارَاتٌ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْآيَةِ. قَوْلُهُ: (لَمَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَوْلِ بِهِ) فِيهِ بَحْثٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ مَا صَدَقَ الْوَاجِبُ، أَوْ لِأَنَّهُ الْمُتَيَسِّرُ إذْ ذَاكَ، فَلَا يُنَافِي زَوَالَ الْخَبَثِ بِغَيْرِهِ كَالْخَلِّ شَوْبَرِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ نَفْيُ الْقِيَاسِ مِنْ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ. اهـ. ق ل. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الْحَدَثِ، وَمَا هُنَا فِي الْخَبَثِ فَمَحَلُّ الْإِجْمَاعِ غَيْرُ مَحَلِّ الْقِيَاسِ الْمَنْفِيِّ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ) أَيْ فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى.
قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْسُبُ لِلصَّافِي مِنْهُ ثُفْلٌ بِإِغْلَائِهِ بِخِلَافِ الصَّافِي مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا لَوْنَ لَهُ وَمَا يَظْهَرُ فِيهِ لَوْنُ ظَرْفِهِ أَوْ مُقَابِلِهِ لِأَنَّهُ جِسْمٌ شَفَّافٌ. وَقَالَ الرَّازِيّ: بَلْ لَهُ لَوْنٌ وَيُرَى وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْجُبُ عَنْ رُؤْيَةِ مَا وَرَاءَهُ وَعَلَى أَنَّ لَهُ لَوْنًا فَقِيلَ أَبْيَضُ اهـ.

قَوْلُهُ: (إذَا أُضِيفَ إلَى الْعُقُودِ) أَيْ إضَافَةً لُغَوِيَّةً وَهِيَ مُجَرَّدُ الْإِسْنَادِ نَحْوُ: يَجُوزُ بَيْعُ كَذَا أَيْ يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ: إلَى الْأَفْعَالِ. نَحْوُ: يَجُوزُ أَكْلُ الْبَصَلِ أَيْ يَحِلُّ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ وَلَا يَحِلُّ، وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنْ يَجُوزَ هُنَا بِمَعْنَى يَصِحُّ لِأَجْلِ إدْخَالِ الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ وَالْمَغْصُوبِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ بِلَا قَرِينَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا حَالِيَّةٌ. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْأَمْرَيْنِ أَيْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مُسْتَثْنًى وَالْجَوَازُ فِيهِ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ وَالْحِلِّ مَعًا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّطْهِيرَ فِعْلٌ فَكَيْفَ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ اِ هـ.
وَقَوْلُهُ: (فَلَا يَرِدُ) أَيْ لِأَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ يَجُوزُ إلَى قَوْلِهِ بِمَعْنَى الْحِلِّ أَيْ فَهِيَ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ. وَأَجَابَ سم عَنْ إيرَادِ الْمُسَبَّلِ وَالْمَغْصُوبِ، بِأَنَّهُمَا يَحِلَّانِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِمَا وَإِنْ حَرُمَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: (فَعَصَى) تَفْرِيعٌ عَلَى تَقَرَّبَ إلَخْ. وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ يَحْرُمُ مَعَ تَعْلِيلِهِ الَّذِي هُوَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْعِصْيَانُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا.
قَوْلُهُ: (لِتَلَاعُبِهِ) قَالَ ق ل: لَوْ قَالَ لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْعِصْيَانَ قَدْ يُجَامِعُ الصِّحَّةَ اهـ.
قَوْلُهُ: (سَبْعُ مِيَاهٍ) الْأَحْسَنُ سَبْعَةٌ بِالتَّاءِ لِأَنَّ مَعْدُودَهُ جَمْعُ مَاءٍ وَهُوَ مُذَكَّرٌ. اهـ. ع ش. قَالَ اج: زَادَ لَفْظَ مِيَاهٍ لِلتَّأَكُّدِ وَالْمُبَادَرَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَنْوَاعُ لَا الْأَفْرَادُ، وَلَا يَرِدُ تَبَادُرُ الْحَصْرِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ غَيْرِهَا كَالنَّابِعِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمِيَاهُ الْمَشْهُورَةُ الْعَامَّةُ الْوُجُودِ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (مَاءُ السَّمَاءِ) مِنْ إضَافَةِ الْحَالِ لِلْمَحَلِّ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا مَاتَ مُؤْمِنٌ إلَّا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَقِيلَ: أَوَ تَبْكِي؟ فَقَالَ: وَمَا لِلْأَرْضِ لَا تَبْكِي عَلَى عَبْدٍ كَانَ يَعْمُرُهَا

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست