responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 70
الْحُرْمَةُ وَهِيَ تَرْتَفِعُ ارْتِفَاعًا مُقَيَّدًا بِنَحْوِ التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَدَثِ بَيْنَ الْأَصْغَرِ وَهُوَ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ، وَالْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ، وَالْأَكْبَرِ وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ. وَالْخَبَثُ فِي اللُّغَةِ مَا يُسْتَقْذَرُ وَفِي الشَّرْعِ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُخَفَّفِ كَبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ لَبَنٍ، وَالْمُتَوَسِّطِ كَبَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ الْكَلْبِ، وَالْمُغَلَّظِ كَبَوْلِ نَحْوِ الْكَلْبِ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمَاءُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُ الْمَاءِ لَمَا وَجَبَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ فَقْدِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الْحَدَثِ وَإِزَالَةِ الْخَبَثِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ حِينَ بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ: «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» وَالذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمِ عَلَى الْحَدَثِ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ رَسْمٌ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ زِيدَ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ كَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا ح ف. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: لِأَنَّ الْمَنْعَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى ذَلِكَ، وَكَوْنُ التَّيَمُّمِ يَرْفَعُ هَذَا لَا يَرِدُ لِأَنَّهُ رَفْعٌ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ، وَكَلَامُنَا فِي الرَّفْعِ الْعَامِّ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ التَّيَمُّمِ) كَطَهَارَةِ دَائِمِ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ فِي الْحَدَثِ إلَخْ) كَلَامُهُ هُنَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَسْبَابُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَدَثَ هُنَا غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا هُنَا لَا يَرْتَفِعُ، وَأَمَّا ذَاكَ فَيَرْتَفِعُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَظْهَرُ وَلَمْ يَقُلْ وَلَا فَرْقَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (الْأَصْغَرِ) لَيْسَ عَلَى بَابِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ عَلَى بَابِهِ أَيْ أَصْغَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَوَسِّطِ وَالْأَكْبَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَوَسِّطِ. قَوْلُهُ: (وَالْخَبَثُ إلَخْ) ذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ بَابُ النَّجَاسَةِ.
قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ) فِيهِ مَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِ الْحَدَثِ.
قَوْلُهُ: (كَبَوْلِ صَبِيٍّ) الْكَافُ فِي هَذَا لِلِاسْتِقْصَاءِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِلتَّمْثِيلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَطْعَمْ) مِنْ بَابِ عَلِمَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى هَذَا امْتِنَاعَ التَّطْهِيرِ بِغَيْرِ الْمَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا يُطَّهَّرُ مِنْ مَائِعٍ مَاءٌ مُطْلَقُ أَيْ لَا غَيْرُهُ ثُمَّ يُرَتَّبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمَاءُ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا فِي كَلَامِ الْمَتْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِيهِ. قَالَ ق ل: هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ الْمَعْلُومِ عِنْدَهُمْ.
قَوْلُهُ: (الْإِجْمَاعَ) هُوَ إجْمَاعٌ مَذْهَبِيٌّ، فَلَا يُنَافِي مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَطْهِيرِ غَيْرِ الْمَاءِ مِنْ كُلِّ مَائِعٍ خَالٍ عَنْ الدُّهْنِيَّةِ كَالْخَلِّ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ يُطَّهَّرُ الْخَبَثَ لَا الْحَدَثَ لِأَنَّهُ يُحِلُّ الْبَاطِنَ وَالظَّاهِرَ فَلَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَالْخَبَثُ يُحِلُّ الظَّاهِرَ فَقَطْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَكْفِي كَشْطُ جِلْدِهِ فَكَفَى فِيهِ غَسْلُ الظَّاهِرِ بِغَيْرِ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (الْأَعْرَابِيُّ) وَهُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيُّ وَهُوَ مُسْلِمٌ صَحَابِيٌّ لَا التَّمِيمِيُّ، وَاسْمُهُ حُرْقُوصٌ وَهُوَ رَئِيسُ الْخَوَارِجِ، وَقِيلَ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. وَالْأَعْرَابِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَعْرَابِ وَهُمْ سُكَّانُ الْبَوَادِي، وَوَقَعَتْ النِّسْبَةُ إلَى الْجَمْعِ دُونَ الْوَاحِدِ فَقِيلَ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْعَلَمِ عَلَى الْقَبِيلَةِ كَأَنْصَارٍ، وَقِيلَ لَوْ نُسِبَ إلَى وَاحِدِهِ وَهُوَ عَرَبٌ لَقِيلَ عَرَبِيٌّ فَيَشْتَبِهُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْعَرَبِيَّ كُلُّ مَنْ وَلَدَهُ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَوَاءٌ كَانَ سَاكِنًا بِالْبَادِيَةِ أَوْ بِالْقُرَى، وَهَذَا غَيْرُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَزَجْرُ النَّاسِ لَهُ مِنْ بَابِ الْمُبَادَرَةِ إلَى إنْكَارِ الْمُنْكَرِ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ مُنْكَرًا وَفِيهِ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْأَنْجَاسِ كُلِّهَا. «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ عَنْ زَجْرِهِ» ، لِأَنَّهُ إذَا قُطِعَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ أَدَّى إلَى ضَرَرِ بَدَنِهِ، وَالْمَفْسَدَةُ الَّتِي حَصَلَتْ بِبَوْلِهِ لَا يَنْضَمُّ لَهَا مَفْسَدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ ضَرَرُ بَدَنِهِ، لِئَلَّا يَجْتَمِعَ مَفْسَدَتَانِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا زُجِرَ مَعَ جَهْلِهِ الَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَنَجُّسِ مَكَان آخَرَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِتَرْشِيشِ الْبَوْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تُرِكَ حَتَّى يَفْرُغَ فَإِنَّ الرَّشَاشَ لَا يَنْتَشِرُ، وَفِي هَذَا الْإِبَانَةُ عَنْ جَمِيلِ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِفْقِهِ وَلُطْفِهِ بِالْجَاهِلِ، وَبَيْنَ الْأَعْرَابِ وَالْعَرَبِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِ الْأَعْرَابِ بِأَنَّهُمْ سُكَّانُ الْبَوَادِي مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ، وَتَفْسِيرُ الْعَرَبِ بِأَنَّهُمْ مَنْ وَلَدَهُ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ سُكَّانِ الْحَضَرِ أَوْ الْبَوَادِي، فَيَجْتَمِعَانِ فِيمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَسَكَنَ الْبَادِيَةَ، وَيَنْفَرِدُ الْعَرَبِيُّ فِيمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَسَكَنَ الْحَضَرَ، وَيَنْفَرِدُ الْأَعْرَابِيُّ فِيمَنْ كَانَ مِنْ الْعَجَمِ وَسَكَنَ الْبَادِيَةَ.
قَوْلُهُ: (ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَظْرُوفَ ذَنُوبٍ حَالَ كَوْنِهِ بَعْضَ الْمَاءِ، فَمِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ وَهِيَ مَعَ مَدْخُولِهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَمَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ قَلِيلٌ.
قَوْلُهُ: (الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً) إذَا كَانَ هَذَا مَعْنَى الذَّنُوبِ فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ بَعْدَهُ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست