responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 10
وَتَعَالَى عَلَى جَزِيلِ الْإِنْعَامِ. وَأَشْهَدُ

أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْعَلَّامُ

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQآلَاءَهُ تَعَالَى لَا تَزَالُ تَتَجَدَّدُ فِي حَقِّنَا دَائِمًا نَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا تَزَالُ تَتَجَدَّدُ، وَإِنَّمَا عَدَلْت عَنْ قَوْلِ الَأُجْهُورِيُّ أَثْنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ بَعْدَ أَنْ حَمِدَهُ أَوَّلًا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ إشَارَةً إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ نَوْعَيْ الْحَمْدِ الْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ صِفَاتِهِ تَعَالَى الْعِظَامِ، وَالْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ الْجِسَامِ إلَى مَا قُلْته لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، وَهُوَ قَدْ عَلَّقَ الْحَمْدَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى نَشْرِ الْأَعْلَامِ لِلْعُلَمَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لِأَجْلِ نَشْرِهِ لِلْعُلَمَاءِ أَعْلَامًا فَيَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ كَالثَّانِي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَاحَظَ إيرَادَ الشَّارِحِ الْأَوَّلِ مَوْرِدَ الصِّفَاتِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قُدِّمَتْ الِاسْمِيَّةُ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ مَعَ حُصُولِ الْجَمْعِ لَوْ عَكَسَ؟ قُلْت: لَمَّا كَانَتْ الصِّفَاتُ قَدِيمَةً مُسْتَمِرَّةً وَالنِّعَمُ مُتَجَدِّدَةً مُتَعَاقِبَةً ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِالِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الثُّبُوتِ وَالِاسْتِمْرَارِ، وَالثَّانِيَ بِالْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّعَاقُبِ اهـ أُجْهُورِيٌّ. وَقَوْلُهُ: قَدِيمَةٌ هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَاتُرِيدِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ قَدِيمَةٌ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ قَدَّمَ الِاسْمِيَّةَ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ» .
قَوْلُهُ: (سُبْحَانَهُ) هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ وَهُوَ مَا نَقَصَتْ حُرُوفُهُ عَنْ حُرُوفِ فِعْلِهِ الْمَاضِي وَهُوَ سَبَّحَ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى جَزِيلِ الْإِنْعَامِ) أَيْ الْإِنْعَامِ الْجَزِيلِ أَيْ الْكَثِيرِ أَوْ الْعَظِيمِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْإِنْعَامِ لِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الْمُنْعِمِ أَمْكَنُ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى نَفْسِ النِّعْمَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمُنْعَمِ بِهِ لِقُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ الْإِحَاطَةِ بِهِ تَفْصِيلًا قَوْلُهُ: (وَأَشْهَدُ) أَيْ أَعْلَمُ وَأُذْعِنُ، فَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ مِنْ غَيْرِ إذْعَانٍ وَهُوَ تَسْلِيمُ الْقَلْبِ لِحَقِيقَةِ مَا عَلِمَهُ وَالْمُعْتَمَدُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَخْلُو مِنْ مَعْنَى التَّعَبُّدِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ الْأُمَّةِ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ مُقْتَصَرِينَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ نَحْوُ: أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ، وَلَا يَخْلُو مِنْ مَعْنَى التَّعَبُّدِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ غَيْرُهُ، وَلَعَلَّ السِّرَّ فِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ وَهِيَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا، فَاشْتَرَطَ فِي الْأَدَاءِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ، وَأَقْرَبُ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا اُشْتُقَّ مِنْ اللَّفْظِ وَهُوَ أَشْهَدُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ الْمَوْضُوعِ لِلْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ لَا الْمَاضِي، لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ عَمَّا وَقَعَ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ أَشْهَدُ فِي الْقَسَمِ نَحْوُ: أَشْهَدُ لَقَدْ كَانَ كَذَا أَيْ أُقْسِمُ فَيَتَضَمَّنُ لَفْظُ أَشْهَدُ مَعْنَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْإِخْبَارِ وَالْقَسَمِ فِي الْحَالِ، فَكَأَنَّ الشَّاهِدَ قَالَ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَقَدْ اطَّلَعْت عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَا الْآنَ أُخْبِرُ بِهِ. وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ.

[مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً]
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ إلَّا اللَّهُ بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ مَحَلِّ " لَا " وَاسْمِهَا، لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي خَبَرِ " لَا " الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا إلَهَ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ، أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ بَدَلًا مِنْ مَحَلِّ اسْمِ " لَا " لِأَنَّ " لَا " لَا تَعْمَلُ فِي الْمَعَارِفِ، وَأَتَى بِالشَّهَادَةِ هُنَا لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا التَّشَهُّدُ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَقْطُوعَةَ الْبَرَكَةِ أَوْ قَلِيلَتَهَا.
مَبْحَثٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ شَارِعِ تَصْنِيفٍ وَمَا يُسَنُّ صِنَاعَةً وَلَمَّا قَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ عَلَى كُلِّ شَارِعٍ فِي تَصْنِيفٍ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: الْبَسْمَلَةُ، وَالْحَمْدَلَةُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّشَهُّدُ وَيُسَنُّ لَهُ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: تَسْمِيَةُ نَفْسِهِ، وَتَسْمِيَةُ الْكِتَابِ، وَالْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ بِبَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ لَفْظُ وَبَعْدُ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ الْمَنْفِيُّ فِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ أَوْ الْمَعْبُودُ بِبَاطِلٍ؟ قُلْت: وَقَعَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ النَّفْيَ إنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الْآلِهَةِ الْمَعْبُودَةِ بِحَقٍّ، لَا الْآلِهَةِ الْمَعْبُودَةِ بِبَاطِلٍ، لِأَنَّ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست