اسم الکتاب : الإيضاح في مناسك الحج والعمرة المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 84
فَصْل
إذَا عَدِمَ الماء طَلَبَهُ [1] فَإنْ لَمْ يَجِدْهُ تَيممَ وَلو وَجَدَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إليه لعَطَشه [2] أو عَطَشِ رَفيقِهِ أو دابته أو حَيَوَانٍ مُحْتَرمِ [3] تَيَمَّمَ ولم يَتَوَضأ سَوَاءٌ في ذلك الْعَطَشُ في يَوْمِهِ أو فِيمَا بَعْدَهُ وقبل وُصُوله إلى ماء آخَرَ. قال أصْحَابُنَا: ويَحْرُمُ عليه الْوضُوء في هذا الْحَال لأَن حُرْمَةَ النَّفْس آكَدُ ولا بَدَلَ [1] أي وجوباً بنفسه أو بمأذونه الثقة ويكفي واحد من جمع وإنما يعتد به في الوقت ومحل وجوب الطلب إنْ توهم وجود الماء، فإن تيقن فقده فلا طلب لأنه عبث، ثم إن كان بمستوٍ كفى النظر حواليه لجهاته الأربع مع تأمل محل خضرة وطير، وإنْ لم يكن بمستوٍ صعد أو هبط ثم نظر حواليه إلى حد الغوث وهو ما تسمع فيه رفقته استغاثته مع ما هم عليه من الاشتغال والتفاوض، هذا إنْ أمن على محترم من نفس ومال واختصاص ولم يخش انقطاعاً ولم يضق وقت وإلا لم يجب التردد هذا كله إنْ توهم الماء، فإنْ تيقنه بمحل فإنْ كان على نحو نصف فرسخ وأمن ما مر واتسع الوقت وجب طلبه وإلا فلا، لكن لو كان المال الذي يخاف عليه هنا قدراً يجب بذله في تحصيل الماء ثمناً أو أجرة لم يمنع الوجوب، ومثله الاختصاص وإن كثر على الأوجه، وفارق ما مَر بأن الماء ثم متوهم فلا يضيع لأجله محقق بخلافه هنا، أما إذا تيقنه فوق نصف فرسخ فلا يلزمه طلباً مطلقاً ولو تيقنه آخر الوقت، ولو في منزله الذي هو فيه أول الوقت فالصبر أفضل، وإلا فالتعجل، ويجب تجديد الطلب لكل صلاة إن توهم حدوث الماء وإلا فلا.
ولو وجد الماء ببئر ولا دلو معه لزمه إدلاء ثوبه غير ساتر العورة ليبتل فيعصر ماءه ليتوضأ به إن لم ينقص ببله أزيد من ثمن مثل الماء، فإن لم يصل إلا بمشقة لزمه إن لم ينقص أكثر من الأزيد من أجرة الآلة وثمن الماء والله أعلم. [2] المراد بحاجة العطش الخوف منه أو من نحو مرض أو بطء بُرْء مما يأتي، ولا يجوز تيمم عطشان عاصٍ بسفر، وشربه للماء حتى يتوب وإلا وجب تقديم الطهارة بالماء. [3] المراد بالحيوان المحترم: ما حرم قتله، وغيره ما جاز قتله كتارك الصلاة بشروطه المعروفة والزاني المحصن والمرتد والكلب العقور.
اسم الکتاب : الإيضاح في مناسك الحج والعمرة المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 84