اسم الکتاب : الإيضاح في مناسك الحج والعمرة المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 395
الْبُخَارِي [1]. وَيَدْعُو في جَوَانبِهِ [2] وَهَذَا [3] بِحَيْثُ لاَ يُؤذِي أَحَداً وَلاَ يَتَأَذَّى هُوَ، فَإِنْ آذى أوْ تأذَّى لَمْ يَدْخُلْ وَهذَا مِمَّا يَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَيَتَزَاحَمُونَ زَحْمَةً شَدِيدَةً بِحَيْثُ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَرُبما انْكَشَفَتْ عَوْرَةُ بَعْضِهِمْ أوْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَرُبمَا زَاحَمَ الْمَرَأةَ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْوَجْهِ والْيَدِ وَهَذَا كُلهُ خَطَأٌ يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ النَّاس وَيَغْتَرُّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي لِعَاقِل أَنْ يَرْتكبَ الأَذَى الْمُحَرَّمَ لِيَحصلَ أَمْراً لَوْ سَلِمَ مِنَ الأَذَى لِكَانَ سُنَّة، وَأَمَّا مَعَ الأَذَى فَلَيْسَ بسُنَّةٍ بَلْ حَرَامٌ وَالله الْمُسْتَعَانُ.
السَّادِسَةُ: إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ فَلْيَكُنْ شَأْنُهُ الدُّعَاءَ والتَّضَرُّعَ إِلى الله بِخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ. وَلْيُكْثِرْ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمُهِمَّةِ وَلاَ يَشْتَغِلُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يُلْهِيهِ بَلْ يَلْزَمِ الأَدَبَ، وَلْيَعْلَمْ أَنهُ في أَفْضَلِ الأَرْضِ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عائشةَ رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: عَجباً للمرء المسلمِ إذا دَخَلَ الكعبةَ كَيْفَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ قِبَل السَّقْف؟! لِيَدَعْ ذَلِكَ إِجْلاَلاً لله تَعَالَى وَإِعْظَاماً، دَخَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبةَ مَا خَلَفَ بَصرُهُ مَوضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْها [4]. [1] قال في الحاشية: ظاهر رواية الشيخين رحمهما الله تعالى أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى مستقبلاً الجدار المقابل للباب، وهو الظاهر وإن تشكك فيه بعضهم وكان يصلي في ذلك المحل إلى الجهات الأربع. اهـ.
أقول: قد حدد المحشي مصلاه - صلى الله عليه وسلم - باعتبار ما عليه داخل الكعبة الآن فقال: يجعل (يعني المصلي) ظهره للباب ويجعل بينه وبين الجدار المقابل له نحو ثلاثة أذرع. اهـ.
وهو موافق لقول المصنف: فإذا دخل البيت مشى إلخ ... [2] أي يأتي نواحي البيت أي الكعبة من داخلها فيكثر من الدعوات مع الخشوع على ما سيذكره المصنف في السادسة. [3] أي ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من استحباب دخول البيت. [4] رواه ابن المنذر والحاكم وصححه كما في الحاشية.
اسم الکتاب : الإيضاح في مناسك الحج والعمرة المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 395