الدليل السابع:
استدلوا بقول النضر بن شميل: إن الإهاب: جلد ما يؤكل لحمه من الإنعام، وأما ما لا يؤكل لحمه فإنما هو جلد ومسك
وقد أنكرت طائفة من أهل العلم قول النضر بن شميل هذا، وزعمت أن العرب تسمي كل جلد إهاباً، واحتجت بقول عنترة:
فشككت بالرمح الطويل إهابه ليس الكريم على القنا بمحرم [1].
الدليل الثامن:
قالوا: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما أباح الانتفاع بجلد الميتة المدبوغ إذا كان مما يؤكل لحمه؛ لأن الخطاب الوارد في ذلك إنما خرج على شاة ماتت لبعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل في ذلك كل ما يؤكل لحمه، وما لم يؤكل لحمه فداخل في عموم تحريم الميتة، واستدلوا بقول أكثر العلماء في المنع من جلد الميتة بعد الدباغ، بأن الذكاة غير عاملة فيه، قالوا: فكذلك السباع لا تعمل فيها الذكاة لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكلها، ولا يعمل فيها الدباغ؛ لأنها ميتة، لم يصح خصوص شيء منها [2].
الراجح:
الذي يظهر لي والله أعلم أن الدباغ يطهر كل إهاب، لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا دبغ الإهاب فقد طهر يعم كل إهاب، فكل إهاب داخل تحت هذا الخطاب
= بن معين، ومشاه أحمد، وسبقت ترجمته، وفي صحيح مسلم (2113) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً: لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس. [1] التمهيد (4/ 170). [2] التمهيد (4/ 182).