المتخذ: وليس كذلك بل أنس هو المتخذ. ففي رواية قال أنس. فجعلت مكان الشعب سلسلة [1].
تعقب ذلك ابن حجر في تلخيص الحبير، فقال: فيه نظر؛ لأن في الخبر عند البخاري عن عاصم قال: وقال ابن سيرين إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال أبوطلحة: لا تغيرن شيئاً صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهذا يدل على أنه لم يغير فيه شيئاً. اهـ [2].
قلت: يحتمل أن يكون الشعب في الحلقة، فأراد أنس أن يغيرها بأن يجعلها من ذهب أو فضة، فنهاه أبو طلحة، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، وأبقى على حلقة الحديد، ويحتمل أن يكون الشعب في الإناء في غير مكان الحلقة، ويكون الخلاف مع أبي طلحة في الحلقة، ولم يغيرها أنس، أما التضبيب فلم يكن بينهم خلاف، وفرق بين تضبيب الحلقة أو الإناء، وبين أن تكون الحلقة كلها من الذهب أو الفضة الخالص، وعلى كلا الاحتمالين يترجح أن يكون الفاعل هو أنس رضي الله عنه، وإذا كانت الرواية الأولى في البخاري والتي بلفظ " أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، تحتمل أن يكون الفاعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتحتمل أن يكون الفاعل أنساً، فإن الرواية الأخرى صريحة بأن الفاعل هو أنس، وينبغي أن يحمل المتشابه على المحكم. والله أعلم.
ومع أنه لا دلالة في حديث أنس كما بينت، إلا أن الراجح أن التضبيب بالفضة جائز، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن الشرب في آنية الفضة، ولا يقال للإناء إذا ضبب بالفضة: إنه إناء من فضة، فلا يدخل في النهي، والله أعلم. [1] المجموع (1/ 313) .. [2] تلخيص الحبير (1/ 52).