دليل من قال إن النهي عن الأكل والشرب للكراهة. الأول: قالوا: إن علة الكراهة للتزهيد فيها، بدليل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.
وأجيب: بقوله - صلى الله عليه وسلم -: فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم، وهو وعيد شديد، ولا يكون إلا على محرم.
ثانياً: إنه إنما نهى عنه للسرف والخيلاء، والتشبه بالأعاجم، وهذا لا يوجب التحريم، كما قالوا: إنما عنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحديث المشركين والكفار من ملوك فارس والروم وغيرهم من الذين يشربون في آنية الفضة، فأخبر عنهم، وحذرنا أن نفعل مثل فعلهم ونتشبه بهم [2].
وأجيب:
بأن الإسراف حرام، ويكفي قوله تعالى: {إنه لا يحب المسرفين} [3].
وقوله: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [4].
ومثله الخيلاء، والتشبه بالكفار جاء في أحاديث الصحيحين ما يقتضي أنه من الكبائر، وليس هذا موضع ذكرها.
والحديث لم يكن يخبر عن حال الكفار، بل قصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهي أمته عن الشرب في آنية الفضة، فمن شرب فيها بعد علمه بالنهي فقد استحق [1] البخاري (5635)، صحيح مسلم (2066). [2] الاستذكار (26/ 268)، المجموع (1/ 302). [3] الأعراف: 31. [4] الإسراء: 27.