النووي على نجاسة الماء اليسير إذا لا قى النجاسة ولو لم يتغير، قال النووي: " فنهاه - صلى الله عليه وسلم - عن غمس يده، وعلله بخشية النجاسة، ويعلم بالضرورة أن النجاسة التي تكون على يده، وتخفى عليه لا تغير الماء، فلولا تنجسه بحلول نجاسة لم تغيره لم ينهه [1]. اهـ
وكيف يستدل به الحنابلة رحمهم الله، وهم يرون أن العلة في النهي تعبدية، وأن الماء يكون طاهراً عندهم غير مطهر: لا طهور ولا نجس، وكيف يستدل به الشافعية، وهم يرون أن غمس القائم من نوم الليل يده في الماء غاية ما فيه أنه مكروه، ويصح التطهر منه، فكيف صح دليلاً لهم في هذه المسألة، وهم لا يرون أبداً نجاسة الماء إذا غمس النائم فيه يده، فهذا نوع من التاقض والله أعلم، وكما بينت سابقاً أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يتعرض لحكم الماء، إنما نهى النائم عن غمس يده، ولو غمسها كان آثماً إذا كان عالماً بالنهي، والماء طهور، والله أعلم.
فالراجح من الخلاف: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وهذه المسألة أطلت فيها البسط؛ لأنها من المسائل الشائكة، قال ابن القيم عن هذه المسألة: هنا معترك النزال وتلاطم الأمواج، وهي مسألة الماء والمائع إذا خالطته النجاسة فاستهلكت، ولم يظهر لها فيه أثر البتة [2]. وقال الشوكاني: وهذا المقام من المضايق التي لا يهتدي إلى ما هو صواب فيها إلا الأفراد [3]. اهـ [1] المجموع (1/ 168). [2] بدائع الفوائد (3/ 257، 258). [3] نيل الأوطار (1/ 301).