وسكت، بل قال: لا يدري أين باتت يده، ولو كانت العلة احتمال نجاسة اليد لكان له وجه في إلحاق المغمى عليه، وسبق لي أن ذكرت الاختلاف في العلة، ولم يظهر لي أن العلة احتمال النجاسة، وإلا لكانت غسلة واحدة كافية إن شاء الله في حصول المقصود، بل إن الغسل ثلاثاً مشروع حتى للمستيقظ عند إرادة الوضوء، فذكر التثليث يلحقه بالتعبد المحض، وإذا كانت العلة تعبدية لم يكن للقياس معنى، لعدم تعدي العلة، والله أعلم.
دليل الحنابلة على اختصاصه بنوم الليل. الدليل الأول:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فإنه لا يدري أين باتت يده " والبيتوتة لا تكون إلا بالليل، كقوله تعالى {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون أو من أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون} [1]، فخص البيات بالليل ثم ذكر النهار.
وأجيب:
بقول ابن حزم: ادعى قوم أن هذا في نوم الليل خاصة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أين باتت يده "، وادعوا أن المبيت لا يكون إلا بالليل.
قال أبو محمد: وهذا خطأ، بل يقال: بات القوم يدبرون أمر كذا وإن كان نهاراً [2].
ورد هذا ابن عبد البر، فقال: أما المبيت فيشبه أن يكون ما قاله أحمد بن حنبل صحيحاً فيه؛ لأن الخليل قال في كتاب العين: البيتوتة دخولك في [1] الأعراف: 97، 98. [2] المحلى (1/ 201، 202).