الدليل الثالث:
ما سبق أن ذكر من أن الماء المستعمل ليس ماء مطلقاً، بل هو مقيد بكونه ماء مستعملاً، والذي يرفع الحدث هو الماء المطلق كما في قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [1]، فلم يقيده بشىء، فالماء المستعمل حكمه حكم ماء الورد والزعفران والشاي وغيرهم [2].
وأجيب: بأن لفظ (ماء) في قوله تعالى {فلم تجدوا ماء} [3] نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواء كان مستعملاً أو غيره، وسواء كان متغيراً أم لم يتغير، ما دام أنه يسمى ماء، نعم خرج الماء النجس للإجماع على أنه لا يجوز التطهر به، وبقي ما عداه.
الدليل الرابع:
قالوا إن هذا الماء قد استعمل في عبادة واجبة، فلا يمكن أن يستعمل في عبادة أخرى، كالعبد إذا أعتق لا يمكن أن يعتق مرة أخرى [4].
وأجيب:
بأن قياس الماء على العبد قياس مع الفارق.
أولاً: لأن العبد إذا أعتق صار حراً، والحر لا يعتق، وأما الماء حين استعمل بقى ماء يمكن التطهر به، ما لم توجد قرينة تدل على نجاسته، وهي [1] المائدة: 6. [2] ذكره دليلاً لهم ابن حزم في المحلى (1/ 189) ورده عليهم. [3] المائدة: 6. [4] انظر المقنع شرح مختصر الخرقي (1/ 189)، وكشاف القناع (1/ 32).