اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 773
تصرف الراهن بالرهن إما أن يكون قبل التسليم أو بعد التسليم.
تصرف الراهن بالرهن قبل التسليم
ينفذ تصرف الراهن بالرهن قبل القبض بدون إذن المرتهن في رأي الحنفية والشافعية والحنابلة , لأنه لم يتعلق به حق المرتهن حينئذ , ولا يلزم الرهن قبل القبض.
أما المالكية القائلون بأن الرهن يلزم بالإيجاب والقبول , وبأن الراهن يجبر على تسليم الرهن للمرتهن , فيجيزون - بالرغم مما ذكر - للراهن أن يتصرف في الرهن قبل القبض , فلو باع الراهن الرهن المشترط في عقد البيع أو القرض , نفذ بيعه , إن فرط مرتهنه في طلبه حتى باعه , وصار دينه بلا رهن لتفريطه , فإن لم يفرط في الطلب وجد في المطالبة ففيه ثلاثة آراء:
الرأي الأول لابن القصار وهو أن للمرتهن رد البيع ولا ينفذ , إن كان المبيع باقيا , وإن فات (ذهب من يد البائع) كان ثمنه رهنا عنده مكانه , وينفذ البيع.
والرأي الثاني لابن أبي زيد القيرواني وهو نفاذ البيع , وجعل الثمن بدله رهنا.
والرأي الثالث لابن رشد وهو نفاذ البيع , ويصير الدين بلا رهن , ولا يكون الثمن رهنا بدله.
وأما إن كان الرهن متطوعا به بعد العقد , وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن , فينفذ بيعه , وهل يكون ثمنه رهنا أو لا يكون؟ فيه خلاف كالخلاف في بيع الهبة قبل قبض.
تصرف الراهن بالرهن بعد التسليم
لا يجوز تصرف الراهن بالرهن بعد التسليم , لأنه إذا سلم الراهن المرهون , وإن بقي على ملكه , ولكن تعلق به دين المرتهن , فاستحق حبسه وثيقة بالدين إلى أن يوفى عند الحنفية , ويصبح متعينا للبيع وثيقة بالدين عند بقية المذاهب.
وعلى كلا الرأيين: لا يجوز للراهن أن يتصرف بالرهن إلا بإذن المرتهن , لتعلق حقه به , فيتنازل عن حقه في حبس الرهن أو تعينه للبيع.
وتفصيل المذاهب يظهر فيما يأتي:
مذهب الحنفية: إذا باع الراهن المرهون بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف , لتعلق حق الغير به فإن أجازه المرتهن أو قضاه الراهن دينه أو أبرأه المرتهن عن الدين جاز البيع ونفذ , وصار ثمنه في غير حال الوفاء بالدين رهنا مكانه في ظاهر الرواية , لأن البدل له حكم المبدل.
وإن لم يجزه , لم ينفسخ وبقي موقوفا في أصح الروايتين , وكان المشترى - في حال عدم علمه بأنه مرهون - بالخيار: إن شاء صبر إلى فك الرهن , أو رفع الأمر إلى القاضي بفسخ البيع.
ووجه ظاهر الرواية: أن حق المرتهن متعلق بمالية المرهون , فإذا بيع وأصبح الثمن بدلا عن المال المرهون , لم يتضرر المرتهن , لأن حقه لم يزل بالبيع.
مذهب المالكية: إذا تصرف الراهن بالرهن من غير إذن المرتهن , ببيع أو وإجارة أو هبة أو صدقة أو إعارة ونحوها , كان التصرف موقوفا على إجازة المرتهن , وبطل الرهن على المعتمد بمجرد الإذن (أي إذن المرتهن بالتصرف) وإن لم يتصرف الراهن , لاعتبار الإذن تنازلا عن الرهن.
مذهب الشافعية: ليس للراهن المقبض تصرف يزيل الملك كالهبة والبيع والوقف , مع غير المرتهن بغير إذنه , لأنه لو صح لفاتت الوثيقة.
كما لا يصح له رهن المرهون لغير المرتهن الأول عنده , ولا إجارة المرهون إن كان الدين حالا , أو يحل أجله قبل انقضاء مدة الإجارة , ويعد التصرف حينئذ باطلا.
فإن كان هذا التصرف مع المرتهن أو بإذنه فيصح , ويبطل الرهن , إلا في الإجارة فيستمر الرهن , ويصح للراهن كل تصرف لا يضر المرتهن , كالسكنى والركوب , كما تقدم.
ويصح له أيضا الإجارة إلى مدة لا تمتد إلى ما بعد حلول الدين , لأنه تصرف لا يمس حق المرتهن في بيع الرهن عند حلول الدين وعدم الوفاء.
مذهب الحنابلة: (كالشافعية) قالوا: إذا تصرف الراهن بالرهن تصرفا بغير إذن المرتهن , بطل التصرف , لأنه يؤدي إلى إبطال حق المرتهن بالوثيقة , سواء كان التصرف بيعا أو إجارة أو هبة أو رهنا وغيره.
وإذا أذن المرتهن بهذا التصرف صح , وبطل الرهن , إلا في الإجارة فيستمر الرهن في الأصح , كما أن الرهن يبقى بحاله مستمرا إذا كان التصرف إعارة أذن بها المرتهن.
اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 773