اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 706
الرهن في اللغة الرهن في اللغة إما الثبوت والدوام , يقال: ماء راهن أي راكد , وحالة راهنة أي ثابتة دائمة.
وإما الحبس واللزوم , ومنه قول الله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة} (المدثر: 38) أي محبوسة , والظاهر أن في الحبس معنى الدوام والثبوت , فأحد المعنيين تطور للمعنى الآخر.
والمعنى الأول كما يبدو هو الحبس , لأنه المعنى المادي.
وعلى كل حال , فالمعنى الشرعي ذو صلة بالمعنى اللغوي , وقد يطلق الرهن لغة على الشيء المرهون: وهو ما جعل وثيقة للدين , من باب تسمية المفعول بالمصدر , فيقال الرهن هو المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه.
الرهن بالمعنى المصدري أو العقدي
والرهن بالمعنى المصدري أو العقدي: هو توثيق الدين بشيء يمكن استيفاؤه منه إذا لم يقم المدين بإيفائه.
الرهن عند الفقهاء
وللفقهاء عبارات متشابهة في الجملة تصور حقيقة الرهن فقها
وجاء تعريف الرهن في المادة 70 من المجلة بأنه: (حبس مال وتوثيقه في مقابل حق يمكن استيفاؤه منه , ويسمى ذلك المال مرهونا ورهنا) .
فالرهن عند الفقهاء هو عقد وثيقة بمال , أي عقد على أخذ وثيقة بمال لا بذمة شخص , فامتاز على الكفالة لأن التوثيق بها إنما يكون بذمة الكفيل , لا بمال يقبضه الدائن , ومعنى وثيقة أي متوثق بها , فقد توثق الدين بالرهن وصار مضمونا محكما بالعين المرهونة.
ويسمى معطي الرهن (الراهن) , وآخذ الرهن (المرتهن) , ويسمى ما أعطي من المال وثيقة للدين (المرهون أو الرهن) , أما الدين فهو يسمى (المرهون به) .
ويلاحظ من تعريف الفقهاء للرهن ما يلي:
- يعبر الشافعية والحنابلة عن المرهون بلفظ (الدين) , فالشافعية يقولون هو (وثيقة بدين) والحنابلة يقولون هو (توثقة دين) .
ومعنى هذا أن المرهون به عندهم لا يكون إلا دينا فلا يكون عينا.
أما الحنفية والمالكية فقد عبروا عن المرهون به بأنه (الحق)
فيقول الحنفية هو (جعل الشيء محبوسا بحق)
ويقول المالكية هو (وثيقة بحق) .
- يرى الحنفية أن المرهون يجب أن يبقى محبوسا تحت يد المرتهن , ولا يستطيع الراهن أن يسترده ولو للانتفاع به حتى لو أذن المرتهن بذلك فهم يقولون (الرهن جعل الشيء محبوسا) .
أما الشافعية فهم يرون عكس ذلك فإنه يجوز للراهن أن يسترد المرهون للانتفاع به ولو قهرا إذا استدعى الأمر ذلك.
ويرى المالكية والحنابلة جواز استرداد المرهون للانتفاع به إذا أذن المرتهن , والخلاف بينهما أن لزوم العقد يفوت عند الحنابلة , والحيازة عند المالكية.
وليس المراد من أخذ الرهن عند المالكية التسليم الفعلي , لأن التسليم بالفعل ليس شرطا عندهم لانعقاد الرهن , ولا لصحته , ولا للزومه , بل ينعقد ويصح ويلزم بالصيغة , أي بمجرد الإيجاب والقبول , أي كالكفالة , ثم يطلب المرتهن أخذه.
وهذا يدل على جواز ما يسمي بالرهن الرسمي أو الرهن التأميني.
- وعبارة جمهور الفقهاء أن الرهن (جعل عين وثيقة بدين يستوفي منها) وهذا يفيد عدم جواز رهن المنافع , لأنها تتلف فلا يحصل بها استيثاق.
أما المالكية فتتسع عندهم دائرة الرهن , فكما يصح أن يكون المرهون عينا يجوز أن يكون دينا أو منفعة
وعبارة المالكية (الشرح الصغير) الرهن: شيء متمول يؤخذ من مالكه , توثقا به , في دين لازم , أو صار إلى اللزوم , أي أنه تعاقد على أخذ شيء من الأموال عينا كالعقار والحيوان والعروض (السلع) أو منفعة , على أن تكون المنفعة معينة بزمن أو عمل , وعلى أن تحسب من الدين.
وللرهن المتفق عليه بين العاقدين أحوال ثلاثة:
الحال الأولى
أن يقع مع العقد المنشئ للدين: كأن يشترط البائع على للمشترى بثمن مؤجل إلى المستقبل في مدة معينة تسليم رهن بالثمن.
وهذا صحيح باتفاق المذاهب , لأن الحاجة داعية إليه.
الحال الثانية:
أن يقع بعد الحق أو نشوء الدين: وهو صحيح أيضا بالاتفاق , لأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى أخذ الوثيقة به , فجاز أخذها به كالضمان (الكفالة) .
وآية {فرهان مقبوضة} تشير إليه , لأن الرهن بدل عن الكتابة (كتابة الدين) والكتابة بعد وجوب الحق.
الحال الثالثة:
أن يقع قبل نشوء الحق مثل: رهنتك متاعي هذا بمائة تقرضنيها , يصح عند المالكية والحنفية , لأنه وثيقة بحق فجاز عقدها قبل وجوبه كالكفالة , وهذا هو المعقول.
ولا يصح عند الشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب كما تقدم , لأن الوثيقة بالحق لا تلزم قبله كالشهادة , لأن الرهن تابع للحق فلا يسبقه.
اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 706