اسم الکتاب : التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة المؤلف : الجبيري الجزء : 1 صفحة : 31
فإن قيل: إن الصلاة فعل طاعة، والمبتدع مأمور بها، ومتواعد على تركها، فوجب أن يؤتم به فيها.
قيل: ليس كل مأمور بفعل طاعة يجوز أن يؤتم به (إ) ذا [1] [ص10] فعلها، ألا ترى أن الأمي الذ (ي) [2] لا يحسن قراءة شيء من القرآن، مأمور بالصلاة ومثاب على فعلها، ومتواعد على تركها، وقد اتفقت الأمة على أنه لا يجوز أن (يأتم) [3] به في صلاته من يحسن شيئا من القرآن لنقصان مرتبته عن مرتبة من يأتم به.
وكذلك أهل الفضل والدين، لا يجوز لهم أن يأتموا بمبتدع، لنقصان مرتبته عن مراتبهم، والله أعلم.
وأما قول ابن القاسم: ورأيت مالكا إذا قيل له في إعادة الصلاة خلف أهل البدع يقف ولا يجيب، فيحتمل أن تكون البدع التي توقف مالك عن الجواب في إعادة الصلاة خلف أهلها، مما قد اختلف في تفسيق مبتدعها، لأن البدعة قد تقع على ما يوجب تفسيق المبتدع، وعلى ما لا يوجبه مما قد يعاب عليه، وقد يحمد عليه، قال الله عز وجل "ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها"، فذمهم على ترك رعايتها، ولم يعبهم بابتداعها، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: " نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل" [4] فسماها بدعة وهي قربة [5].
فإذا كان هذا الاحتمال سائغا في اللسان، فالوجه في توقف مالك عن الجواب [1] ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه. [2] ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه. [3] بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق. [4] رواه البخاري (1906) والبيهقي (2/ 493) وابن خزيمة (2/ 155) وعبد الرازق (4/ 258) عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر. [5] قلت: أطلق عليها عمر بدعة من حيث اللغة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها، ثم تركها خشية أن تفرض عليهم، فمر ذلك العهد وعهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر، ثم صلاها الناس في خلافة عمر، فصارت كالشيء المحدث، فلهذا قال عمر ما قال.
اسم الکتاب : التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة المؤلف : الجبيري الجزء : 1 صفحة : 31