اسم الکتاب : المعونة على مذهب عالم المدينة المؤلف : القاضي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 626
إليهم [1]، ورد أبا جندل [2] وأبا بصير [3] يمشيان في قيودهما وجاءاه مسلمين وقال: "سيجعل الله لكما فرجا ومخرجا" [4].
فصل [46 - فيمن أسلم على وجه الصلح وله أرض]:
ومن أسلم على وجه الصلح فأرضه ملك له لا يعترض عليه فيها كسائر أملاكه، ومن فتحت أرضه عنوة فهي مغنومة لا يكون أحق بها كسائر الأموال المغنومة عنهم [5]، فإن كانت عامرة ووجد الإِمام من يسكنها من المسلمين ويؤدى خراجها تركها وقفا للمسلمين ولم يقسمها كأرض السواد خلافا لمن يقول أنها تقسم [6] لإخبار الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ...} إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [7] وبذلك احتج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أن هذه الآية مستوعبة لجميع المسلمين حتى الراعي بعدن [8]، وطولب بقسمتها فامتنع فلج به بلال فقال: اللهم اكفني بلالا وذوي بلال [9]، ولم ينكر أحد من الصحابة عليه ذلك، وتلاه عثمان وعلي رضي الله عنهما على مثله [10]، ومع ذلك فإن رأي الإِمام في وقت من الأوقات قسمتها رأيا لم يمتنع أن [1] أخرجه الحاكم: 3/ 598. [2] أبو جندل: العاص بن سهيل بن عبد شمس بن عبد ود الصحابي الجليل توفي شهيدا في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة (شذرات الذهب: 1/ 30، سير أعلام النبلاء: 1/ 193). [3] أبو بصير: اختلف في اسمه ونسبه، فقيل عبيد بن أسيد بن جارية، وقيل اسمه عتبه بن جارية بن أسيد، وقال ابن إسحاق أبو بصير: عتبه بن أسيد جارية، قصته عام الحديبية مشهورة (الأنساب: 4/ 1612). [4] أخرجه البخاري في الصلح مع المشركين: 3/ 168. [5] انظر: الفواكه الدواني: 1/ 418. [6] يقول ابن حزم بتقسيمها (انظر: المحلى: 7/ 344). [7] سورة الحشر: الآية، 7 - 10. [8] سبق تخريج الأثر. [9] انظر البيهقي: 6/ 351. [10] انظر عبد الرزاق: 5/ 237.
اسم الکتاب : المعونة على مذهب عالم المدينة المؤلف : القاضي عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 626