اسم الکتاب : ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام المؤلف : أبو الأصبغ الجزء : 1 صفحة : 254
الإضرار بالآخر وتكرر ذلك من شكيهما على الحكم ولم يبن إليه أمرهما وخاف شقاقًا بينهما؛ فحينئذ يبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها وهو معنى ما رواه عن مالك في المدونة.
وقد روى ابن سحنون عن أبيه في المرأة تأتي إلى الحكم فتدعي الضرر من زوجها ويدعي الزوج إضرارها به وسوء صحبتها ولا يعلم ذلك إلا بقولهما؛ فقال: إذا لم يظهر ما ادعيا اختبر ذلك الحكم بأن يجعل معهما أو يجعلهما مع من يفسر له أمرهما ثم يعمل على ذلك فيما يتبين له.
وهذا كله قريب بعضه من بعض ويؤيد بعضه بعضًا أن الحكمين إنما يبعثان عند إشكال أمر الزوجين فيما يدعيانه من إضرار كل واحد منهما بصاحبه وبعد طول شكايتهما والكشف عن أمورهما.
وأما أن يسألوا عن المرأة تشتكي بزوجها فيفتى واحد بإرسال الحكمين ويفتي آخر بألا يحكم بحكمين لأنهما لم يحكم بهما فذلك كله جهل وجواب عن غير تدبر ولا نظر. والله ولي التوفيق. وما أشبه هذا وشبهه بقول ابن عباس: ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيى البدع وتموت السنن.
وقال ابن مسعود: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يشيب فيها الصغير ويهرم الكبير وتتخذ سنة يجري عليها الناس فإذا غير منها شيء قيل غيرت السنة؟
وقول ابن لبابة وغيره في الحكمين: إن رأيا من ضرر الزوج أكثر من ضررها ورأيا التفرقة بغير فدية فذلك إليهما، كلام غير مهذب، وقولهم بعد ذلك: وإن تكافيا في الشكوى عندهما وفرقا بينهما فلابد من أن يأخذ له منها؛ خطأ.
والصواب ما قاله ابن المواز: وإذا وجداهما كلاهما يسيء الدعة فيما أمره الله عز وجل من الصحبة لصاحبه فرقا بينهما على بعض ما كان أصدقها وإن كرهت، ولا يؤمن أحدهما على صاحبه بعد ذلك، وإن ألفياه ظالمًا فرقا بينهما بغير شيء، وإن كانت هي الظالمة دون أقراها عنده وأئتمناه عليها، قاله محمد وحكى مثله عن أشهب ونحوه لربيعة في المدونة فأوجب ابن المواز، ومن ذكرنا معه، الفراق إذا وجد الحكمان كل واحد من الزوجين يسيء صحبة الآخر ولم يجعلوا سبيلا إلى إبقاء العصمة بينهما مع اليقين بإضرار كل منهما بالآخر وأفتوهما بأخذ البعض للزوج منها إذا لم ينفرد بالإضرار وحده.
اسم الکتاب : ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام المؤلف : أبو الأصبغ الجزء : 1 صفحة : 254