إلى النصف من صلاة الحضر لمشقة السفر، فكذلك صلاة الخوف تردّ إلى نصف صلاة المسافر لمشقة الخوف. فيكون المسافر يتشطر صلاته للخوف كما شطرت صلاة الحضر لمشقة السفر. قيل له قد أثبت الشرع لمشقة الخوف تخفيفأوهو تغيير الهيئة فلم تَعْرُ مشقة الخوف من إثبات تخفيف كما أثبت مشقة السفر تخفيفًا بسببها. وإذا كان هذا هكذا وجعل الشرع التخفيف لمشقة السفر في العدد، والتخفيف لمشقة الخوف في الهيئة، فليس لنا أن نقترح عليه في تعيين التخفيف، وهذا يرد ما قالوه.
والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: اختلف الناس في المختار في صلاة الخوف. فذهب مالك رضي الله عنه إلى أن الإِمام يصلي بطائفة شطر الصلاة ركعتين إن كانت حضرًا أو ركعة إن كانت سفرًا ويتم المأمومون لأنفسهم بقية صلاتهم ويكون الإِمام منتظرًا للطائفة الثانية. فإذا أتم من خلفه وانصرف للقتال أتت الطائفة الأخرى وصلّى بهم شطر الصلاة وهو الذي بقى عليه: ركعتين إن كانت حضرًا أو ركعة إن كانت سفرًا. واختلف قوله هل ينتظر الطائفة الثانية إذا فرغ من صلاته حتى تقضي ما فاتها فيسلم بهم أو يسلم هو منفردًا ثم يقضون بعد سلامه؟ وذهب أشهب إلى أن الطائفة الأولى إذا صلّى بهم الإِمام شطر صلاته فإنها لا تكمل بقية صلاتها. بل تنصرف للقتال ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بها ما بقي عليه من الصلاة ثم تكمل صلاتها وتنصرف ثم تأتي الطائفة الأولى فتقضي. هكذا قال في مدونته، وإن كان قد نقل عنه خلاف هذا وأنه روى حديث ابن عمر، وفيه أن طائفة صلّت ركعة ثم تأخرت إلى جهة العدو من غير أن تسلم ثم أتت الأخرى فصلّي بهم الركعة الثانية وسلم. ثم قامت كل طائفة فأتمت. وإن أشهب أخذ بهذا الحديث. قال ابن حبيب: فإذا اشتغلت الطائفتان بالقضاء صار الإِمام وحده فيه لهما [1] فحمل ابن حبيب على أشهب أنه ذهب إلى أن الطائفتين يقضيان معًا. والذي نقلناه عنه أولى، وهو الذي في مدونته. وقد نقل بعض أصحابنا البغداديين عن أشهب أنه يقول بقول أبي حنيفة. ومذهب أبي حنيفة أن الطائفة الأولى إذا صلّت ركعة مع الإِمام [1] هكذا وهو غير واضح.