كنا قدمنا اختلاف المفسرين وأهل العلم في هذه الآية وذكرنا ما قيل في هذين الشرطين وهي قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}. وقوله: {إِنْ خِفْتُمْ}.
ووسعنا الكلام هنالك على هذه الآية بما يغني عن إعادتها ها هنا.
والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: أما المأموم فإنه والإمام في صلاة الخوف سيّان في عدد ركعات الصلاة. وقال الحسن وطاوس [1] ومجاهد يصلي الإِمام ركعتين وتصلي كل طائفة ركعة. وروي ذلك عن ابن عباس ودليلنا الأخبار الواردة في صلاة الخوف وسنورد نصوصها بعد هذا وقد تضمنت صلاة كل طائفة ركعتين. وأيضًا فإن الإِمام والمأموم لا يختلفان في شروط الصلاة فكذلك في عدد الركعات. وأما المخالف فإنه يحتج بقوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [2]. وظاهر هذا اقتصار المأموم على ركعة واحدة في صلاة الخوف لأنه أمر تعالى الطائفة الأولى أن تذهب للمدافعة عند سجودها ولم يوجب عليها أكثر من ذلك. فاقتضى الظاهر اقتصارها على ركعة واحدة في صلاة الخوف. وهذا غير مسلّم لأن قوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}. فتأوله من يقول إن الطائفة الأولى تكمل صلاتها قبل الإنصراف على أن المراد به إذا صلوا الركعة الأخرى التي بقيت عليهم. وعبّر عنها بالسجود. لأنه قد يعبر عن الركعة بالسجود. ويعضد هذا التأويل قوله: {فَإِذَا سَجَدُوا}.
فظاهره سجود ينفردون به. وهذا هو السجود الذي يكمّلون به أفذاذًا ما صلوه مع الإِمام. ويتأوله من يقول أنهم ينصرفون قبل الإكمال ثم بعد ذلك يكملون، على أن المراد به فليكونوا من ورائكم وهم في حكم الصلاة. ويحتج هؤلاء المتأولون لهذين التأويلين بما ورد في الآثار من صفة صلاة الخوف.
وأما ما وقع في بعض الآثار فقد كنا قدمنا في صلاة المسافرين من أن صلاة الحضر أربع والسفر ركعتان والخوف ركعة. فالمراد [3] ركعة تفعل مع الإِمام على أنها جملة ما يصلّى. فإن قال المخالف بأن صلاة السفر لقا رُدّت [1] طاوس = ساقط -و-. [2] سورة النساء، الآية: 102. [3] فالمراد به - قل.