اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 139
عبد الله كان من السابقين الأولين ممن بايع بالعقبة وتحت الشجرة، ولم يكن بقي من هؤلاء غيره لما مات وذلك قبل تغيير المسجد بسنتين، ولم يبق بعده ممن كان بالغا حين موت النبي صلى الله عليه وسلّم إلا سهل بن سعد الساعدي فإنه توفّي سنة ثمان وثمانين، وقيل سنة إحدى وتسعين. ولهذا قيل فيه إنه آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم كما قاله أبو حاتم البستي وغيره. وأما من مات بعد ذلك فكانوا صغارا، مثل السائب بن يزيد الكندي ابن أخت عمر، فإنه مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وقيل: إنه مات بعده عبد الله بن أبي طلحة الذي حنّكه النبي صلى الله عليه وسلّم، وكذلك محمود بن الربيع الذي عقل مجّة مجّها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في وجهه من بئر كان في دارهم وله خمس سنين، مات سنة تسع وستين. ومحمود بن الربيع مات سنة ثلاث وتسعين. وأبو أمامة بن سهل بن حنيف سمّاه النبي صلى الله عليه وسلّم أسعد باسم أسعد بن زرارة مات سنة مائة، لكن هؤلاء لم يكن لهم في حياته صلى الله عليه وسلّم من التمييز ما ينقلون عنه أقواله وأفعاله التي ينقلها الصحابة؛ مثل ما ينقلها جابر وسهل بن سعد وغيرهما. وأما ابن عمر فكان قد مات قبل ذلك عام قتل ابن الزبير بمكة سنة ثنتين وسبعين، وابن عباس مات قبل ذلك بالطائف سنة بضع وستين، فهؤلاء وأمثالهم من الصحابة لم يدرك أحد منهم تغيير المسجد وإدخال الحجر فيه، وأنس بن مالك كان بالبصرة لم يكن بالمدينة، وقد قيل: إنه آخر من مات بها من الصحابة، وكانت حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم شرقي المسجد وقبليه، وقيل وشامية فاشتريت من ملّاكها ورثة أزواجه صلى الله عليه وسلّم، وزيدت في المسجد فدخلت حجرة عائشة. وكان الذي تولّى ذلك عمر بن عبد العزيز نائب الوليد على المدينة، فسدّ باب الحجرة وبنى حائطا آخر عليها غير الحائط القديم، فصار المسلّم عليه من وراء جدار أبعد من المسلم عليه لما كان جدارا واحدا.
قال هؤلاء: ولو كان سلام التحية الذي يرده على صاحبه مشروعا في المسجد كان له حدّ ذراع أو ذراعين أو ثلاثة، فلا يعرف الفرق بين المكان الذي يستحبّ فيه هذا السلام، والمكان الذي لا يستحب.
فإن قيل: من سلّم عليه عند الحائط الغربي رد عليه. قيل: وكذلك من كان خارج المسجد، وإلا فما الفرق؟ وحينئذ فيلزم أن يرد على جميع أهل الأرض، وعلى كل مصل في كل صلاة كما ظنه بعض الغالطين، ومعلوم بطلان ذلك.
وإن قيل: يختص بقدر بين المسلم وبين الحجرة.
قيل: فما حدّ ذلك؟ وهم لهم قولان: منهم من يستحب القرب من الحجرة،
- 6 - خارجة بن زيد بن ثابت.
7 - أبو بكر بن عبد الرحمن.
وانظر «أعلام الموقعين» لابن قيم الجوزية (1/ 23).
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 139