اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 138
وهذا الذي قالوه هو الذي جاءت به السنة، وكذلك كان الأمر على عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، فإن كلاهما زاد من قبلي المسجد، فكان مقامه في الصلوات الخمس في الزيادة، وكذلك مقام الصف الأول الذي هو أفضل ما يقام فيه بالسنة والإجماع، وإذا كان كذلك فيمتنع أن تكون الصلاة في غير مسجده أفضل منها في مسجده، وأن يكون الخلفاء والصفوف الأول كانوا يصلون في غير مسجده، وما بلغني عن أحد من السلف خلاف هذا. لكن رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن الزيادة ليست من مسجده، وما علمت لمن ذكر ذلك سلفا من العلماء. وقد ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلّم زاد فيه لما قدم من خيبر، قال أبو غسان: حدّثني غير واحد ولا اثنين ممن يوثق به من أهل العلم من أهل البلد أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ترك المسجد من القبلة في تلك البنية على حده الأول فأخذت الأساطين من الشرق إلى الأسطوانة التي دون المربعة التي عند القبر التي لها نجاف طالع [1]، وأثبت من الشام لم يزد فيه شيء ومن الغرب إلى الأسطوانة التي دون المربعة الغربية. ومن بيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يعتكف في موضع مجلس آل عبد الرحمن بن هشام، وأن عائشة رضي الله عنها كانت ترجل رأسه وهو في بيتها وهو معتكف في المسجد. وهذه الأمور نبهنا عليها هاهنا، فإنه يحتاج إلى معرفتها، وأكثر الناس لا يعرفون الأمر كيف كان ولا حكم الله ورسوله في كثير من ذلك، وكان من المقصود أن المسجد لما زاد فيه الوليد وأدخلت فيه الحجرة كان قد مات عامة الصحابة ولم يبق إلا من أدرك النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يبلغ سنّ التمييز الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع» [2].
ومن المعلوم بالتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك، وكان بعد بضع وثمانين. وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين. وسنة ثلاث وتسعين مات فيها خلق كثير من التابعين مثل سعيد بن المسيب وغيره من الفقهاء السبعة [3]، ويقال لها سنة الفقهاء. وجابر بن [1] «النجاف: الباب والغار ونحوهما» (م). [2] أخرجه أبو داود (494) والترمذي (407) وأحمد (2/ 187) وغيرهم. وهو حديث صحيح، صحّحه النووي في «المجموع» (3/ 10) والألباني في «إرواء الغليل» (1/ 266/ 247). [3] الفقهاء السبعة هم: [1] - سعيد بن المسيب. [2] - عروة بن الزبير. [3] - القاسم بن محمد.
4 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
5 - سليمان بن يسار.-
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 138