اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 131
وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري في كتاب «أخبار المدينة» مدينة الرسول صلى الله عليه وسلّم من أشياخه وعمن حدّثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هجرية هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة المطابقة، وقصّه وعمله بالفسيفساء [1] وبالمرمر، وعمل سقفه بالساج [2] وماء الذهب، وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فأدخلها في المسجد، وأدخل القبر فيه، ونقل لبن المسجد ولبن الحجرات فبنى به داره في الحرة، فهو فيها اليوم بياض على اللبن.
وقال: حدّثنا محمد بن يحيى، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن كثير قال: بنى عمر من حجارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلّم مدماكين في أعلى مسجد بني حرام الذي في الشعب. والمدماك الساف [3].
قال أبو زيد: حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثني عبد العزيز بن عمران، عن جعفر بن وردان، عن أبيه قال: لما استعمل الوليد عمر بن عبد العزيز أمره بالزيادة في المسجد وبنيانه، فاشترى ما حواليه من الشرق والغرب والشام، فلما خلص إلى القبلة قال له عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: لسنا نبيعه هو من حق حفصة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يسكنها. فقال عمر بن عبد العزيز: ما أنا بتارككم أو أدخلها في المسجد. فلما كثر الكلام بينهما قال له عمر: أجعل لكم في المسجد بابا تدخلون منه، وأعطيكم دار الرقيق مكان هذه الطريق وما بقي من الدار فهو لكم، فقبلوا، فأخرج بابهم من المسجد، وهي الخوخة التي في المسجد تخرج من دار حفصة بنت عمر، وأعطاهم دار الرقيق وقدّم الجدار في موضعه اليوم، وزاد من الشرق ما بين الأسطوانة المربعة إلى جدار المسجد اليوم، وهو عشرة أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى الشام ومده من الغرب أسطوانتين، وأدخل فيه حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم، وأدخل فيه دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي يقال لهن القرائن، قال: فلما قدم الوليد حاجا جعل يطوف في المسجد وينظر إليه ويقول: هاهنا، ومعه أبان بن عثمان فلما استنفد الوليد النظر إلى المسجد التفت إلى أبان بن عثمان فقال: أين بناؤنا من بنائكم. فقال أبان: إنا بنيناه بناء المساجد، وبنيتموه بناء الكنائس، قال: ومكث عمر في بنائه ثلاث سنين. قال أبو زيد: قال أبو غسان:
وسمعناه يحدث أن الوليد قال لعمر: ما منعك أن تجعل جدار المسجد على بناء جدار [1] «تقصيص البناء: تجصيصه.
والفسيفساء: ألوان من الخرز يركب في حيطان البيوت» قاموس اه (م). [2] الساج: «ضرب عظيم من الشجر، أسود رزين، يشبه الآبنوس، وهو أقل منه سوادا، ولا تكاد الأرض تبليه، ولا يجلب إلا من الهند» اه. [3] «الساف: من البناء كل طبقة من اللبن» اه (م).
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 131