responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 130
صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة: 31 - 32] وقال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا [المزمل: 15 - 16]. وقال تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النساء: 41].
وقال تعالى: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ [النساء: 42] والله تعالى قد سمّاه سراجا منيرا، وسمى الشمس سراجا وهاجا، والناس إلى هذا السراج المنير أحوج منهم إلى السراج الوهاج، فإنهم محتاجون إليه سرا وعلانية، ليلا ونهارا، بخلاف الوهّاج، وهو أنفع لهم فإنه منير ليس فيه أذى؛ بخلاف الوهّاج فإنه ينفع تارة ويضر أخرى.
ولما كانت حاجة الناس إلى الرسول والإيمان به، وطاعته ومحبته، وموالاته وتعظيمه، وتعزيره وتوقيره، عامة في كل زمان ومكان؛ كان ما يؤمر به من حقوق عاما لا يختص بغيره، فمن خصّ قبره بشيء من الحقوق كان جاهلا بقدر الرسول صلى الله عليه وسلّم وقدر ما أمر الله به من حقوقه.
وكل من اشتغل بما أمر الله به من طاعته شغله ذلك عما نهى عنه من البدع المتعلقة بقبره وقبر غيره، ومن اشتغل بالبدع المنهيّ عنها ترك ما أمر به الرسول من حقه، فطاعته هي مناط السعادة والنجاة.
والذين يحجّون إلى القبور ويدعون الموتى من الأنبياء وغيرهم عصوا الرسول وأشركوا بالرب، ففاتهم ما أمروا به من تحقيق التوحيد والإيمان بالرسول، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وجميع الخلق يأتون يوم القيامة فيسألون عن هذين الأصلين: «ماذا كنتم تعبدون، وبماذا أجبتم المرسلين؟» كما بسط هذا في موضعه.
والمقصود؛ أن الصحابة كانوا في زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين يدخلون المسجد ويصلّون فيه الصلوات الخمس، ويصلّون على النبي صلى الله عليه وسلّم ويسلمون عليه عند دخول المسجد، ولم يكونوا يذهبون يقفون إلى جانب الحجرة ويسلّمون هناك، وكانت على عهد الخلفاء الراشدين والصحابة حجرته خارجة عن المسجد ولم يكن بينهم وبينه إلا الجدار.
ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتا جابر بن عبد الله وهو توفي في خلافة عبد الملك قبل خلافة الوليد، فإنه توفي سنة بضع وسبعين، والوليد تولى سنة بضع وثمانين، وتوفي سنة بضع وتسعين. فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك [1].

[1] قال المعلّمي: انظر «الجواب الباهر» «للمؤلف ص 9 و26 و59».
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست