اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 77
10 - وأخيراً فإن الشارع الحكيم وضع ضمانات وضوابط عديدة لمن يقوم بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تصونه عن الانحراف وتحدَّ من الآثار السالبة التي يمكن أن تقع من المحتسب، وأهم هذه الضوابط ما يلي:
أ-تقديم الأهم على المهم. وهذا يعنى أن المحتسب عليه أن يدرك الأمور التي يريد الاحتساب فيها ثم يرتبها بحسب أهميتها، فيبدأ بأولاها بالاهتمام ثم الذي يليه، لذا لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن قال له: «إِنَّكَ تَأْتِى قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِى أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» [1].
ب- اتباع الوسائل المشروعة لمعرفة المنكر المرتكب أو المعروف المتروك. فالمحتسب ملزم بقواعد الشرع في ذلك، فلا يجوز له أن يتجسس بحجة الوصول إلى المنكر، كما لا يجوز له الغش والخداع في سبيل ذلك، وإنما واجبه وعمله متعلق بالمنكرات الظاهرة فقط دون المستورة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (12) سورة الحجرات، فعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ». فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا [2].
ج- إن ميزان الحكم على الشيء بأنه معروف أو منكر إنما هو بالشرع، فما ثبت الشرع بأنه معروف أمر به المحتسب، وما ثبت شرعاً بأنه منكر نهى عنه، أما ما سوى ذلك فلا يتدخل فيه.
د- قيام شروط الإنكار في الفعل وهي:
1 - أن يثبت أن الفعل منكر شرعاً.
2 - أن يكون المنكر موجوداً في الحال.
3 - أن يكون ظاهراً بغير تجسس.
4 - أن يكون المنكر معلوماً بغير اجتهاد.
هـ- التدرج في الإنكار: يجب على المحتسب أن يتدرج في إنكار المنكر مبتدئاً بالدرجة الأخف، فيعرف صاحب المنكر بأن هذا الفعل منكر شرعاً وأنه لا يجوز اقترافه، ثم ينهاه عنه بالوعظ والتخويف من الله تعالى، فإن أبى فيغلظ في القول ثم بالتهديد والتخويف، فإن لم ينته -وكان الناهي [1] - سنن أبى داود برقم (1586) صحيح
الكرائم: جمع كريمة وهى خيار المال وأفضله [2] - سنن أبى داود برقم (4890) صحيح
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 77