responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 360
لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْتَجِبَ عَنْ النَّاسِ؛ فَأَرْسَلَ مُحَمَّدَ بْنَ مسلمة وَأَمَرَهُ أَنْ يُحَرِّقَهُ عَلَيْهِ؛ فَذَهَبَ فَحَرَّقَهُ عَلَيْهِ [1].
وَهَذِهِ الْقَضَايَا كُلُّهَا صَحِيحَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَنَظَائِرُهَا مُتَعَدِّدَةٌ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةَ مَنْسُوخَةٌ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فَقَدْ غَلِطَ عَلَى مَذْهَبِهِمَا. وَمَنْ قَالَهُ مُطْلَقًا مِنْ أَيِّ مَذْهَبٍ كَانَ: فَقَدْ قَالَ قَوْلًا بِلَا دَلِيلٍ.
وَلَمْ يَجِئْ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْءٌ قَطُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَرَّمَ جَمِيعَ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ؛ بَلْ أَخْذُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ وَأَكَابِرِ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ [2].
وَعَامَّةُ هَذِهِ الصُّوَرِ مَنْصُوصَةٌ عَنْ أَحْمَد وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبَعْضُهَا قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُ مِنْ الْحَدِيثِ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: إنَّ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَدَنِيَّةِ: تَنْقَسِمُ إلَى مَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ؛ وَإِلَى مَا يُخَالِفُهُ. وَلَيْسَتْ الْعُقُوبَةُ الْمَالِيَّةُ مَنْسُوخَةً عِنْدَهُمَا.
وَالْمُدَّعُونَ لِلنُّسَخِ لَيْسَ مَعَهُمْ حُجَّةٌ بِالنَّسْخِ؛ لَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَهَذَا شَأْنُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يُخَالِفُ النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ وَالسُّنَّةَ الثَّابِتَةَ بِلَا حُجَّةٍ. إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى النَّسْخِ؛ وَإِذَا طُولِبَ بِالنَّاسِخِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حُجَّةٌ لِبَعْضِ النُّصُوصِ تُوهِمُهُ تَرْكَ الْعَمَلِ؛ إلَّا أَنَّ مَذْهَبَ طَائِفَتِهِ تَرْكُ الْعَمَلِ بِهَا إجْمَاعٌ؛ وَالْإِجْمَاعُ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ [3] وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ إجْمَاعٌ عَلَى تَرْكِ نَصٍّ إلَّا وَقَدْ عُرِفَ النَّصُّ النَّاسِخُ لَهُ

[1] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 1 / ص 142) برقم (325) عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَايَةَ بن رِفَاعَةَ بن رَافِعٍ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَعْدًا اتَّخَذَ بَابًا، ثُمَّ قَالَ: انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَحَرَّقَهُ ثُمَّ أَخَذَ مُحَمَّدُ بن مَسْلَمَةَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ: هَهُنَا اجْلِسْ لِلنَّاسِ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ وَحَلَفَ مَا تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي بَلَغَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وهو صحيح
وانظر الموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 4448) والدرر السنية في الأجوبة النجدية - الرقمية - (ج 7 / ص 457) والحاوي للفتاوي للسيوطي - (ج 1 / ص 176) والفروع لابن مفلح - (ج 8 / ص 43) وتهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية - (ج 4 / ص 352) وأنوار البروق في أنواع الفروق - (ج 8 / ص 167) وإعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 4 / ص 230) والطرق الحكمية - (ج 1 / ص 20) وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام - (ج 4 / ص 263) ومعين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام - (ج 2 / ص 340)
[2] - فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 5 / ص 2883) والفقه الإسلامي وأدلته - (ج 7 / ص 518) والطرق الحكمية - (ج 1 / ص 361)
[3] - سنن ابن ماجه برقم (4085) عن أبي خَلَفٍ الأَعْمَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ أُمَّتِى لَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلاَفًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ».
وسنن أبى داود برقم (4255) عَنْ أَبِى مَالِكٍ - يَعْنِى الأَشْعَرِىَّ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلاَثِ خِلاَلٍ أَنْ لاَ يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ فَتَهْلِكُوا جَمِيعًا وَأَنْ لاَ يَظْهَرَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ وَأَنْ لاَ تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلاَلَةٍ».
وفي سنن الترمذى برقم (2320) عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِى - أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - - عَلَى ضَلاَلَةٍ وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ».
والصحيحة (1331) وصحيح الجامع (1786) من طرق وهو صحيح لغيره
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 360
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست