responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 294
هُنَاكَ أَحَدٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَى عَيْنِهِ أَوْ إلَى مَالِهِ؛ لِيُجْبَرَ عَلَى عَمَلٍ أَوْ عَلَى بَيْعٍ بَلْ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْبَالِغِينَ الْقَادِرِينَ عَلَى الْجِهَادِ إلَّا مَنْ يَخْرُجُ فِي الْغَزْوِ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَغْزُو بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ [1]: أَوْ بِمَا يُعْطَاهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ أَوْ الْفَيْءِ؛ أَوْ مَا يُجَهِّزُهُ بِهِ غَيْرُهُ [2]، وَكَانَ إكْرَاهُ الْبَائِعِينَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعُوا سِلَعَهُمْ إلَّا بِثَمَنِ مُعَيَّنٍ إكْرَاهًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ إكْرَاهُهُمْ عَلَى أَصْلِ الْبَيْعِ فَإِكْرَاهُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الثَّمَنِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ [3].

[1] - لقوله تعالى: {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (41) سورة التوبة
[2] - ففي صحيح البخارى برقم (2843) ومسلم برقم (5011) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ- رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا».
وفي فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 460)
قَوْله: (فَقَدْ غَزَا) قَالَ اِبْنُ حِبَّانَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي اَلْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَغْزُ حَقِيقَة ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بُسْرِ بْن سَعِيد بِلَفْظِ " كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْر أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مَنْ أَجْرِهِ شَيْء " وَلِابْن مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ نَحْوه بِلَفْظ " مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ " وَأَفَادَتْ فَائِدَتَيْنِ
إِحْدَاهُمَا أَنَّ اَلْوَعْدَ اَلْمَذْكُورَ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ اَلتَّجْهِيزِ وَهُوَ اَلْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " حَتَّى يَسْتَقِلَّ ".
ثَانِيهمَا أَنَّهُ يَسْتَوِي مَعَهُ فِي اَلْأَجْرِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ تِلْكَ اَلْغَزْوَةُ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيد " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثًا وَقَالَ: لِيَخْرُج مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُل وَالْأَجْر بَيْنَهُمَا " وَفِي رِوَايَة لَهُ " ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: وَأَيُّكُمْ خَلَفَ اَلْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ اَلْخَارِجِ " فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اَلْغَازِيَ إِذَا جَهَّزَ نَفْسَهُ أَوْ قَامَ بِكِفَايَة مَنْ يَخْلُفُهُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ اَلْأَجْر مَرَّتَيْنِ وَقَالَ اَلْقُرْطُبِيّ: لَفْظَة " نِصْف " يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُقْحَمَة أَيْ مَزِيدَة مِنْ بَعْضِ اَلرُّوَاةِ وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اَلْمُرَادَ بِالْأَحَادِيثِ اَلَّتِي وَرَدَتْ بِمِثْلِ ثَوَابِ الْفِعْلِ حُصُولُ أَصْلِ اَلْأَجْرِ لَهُ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ وَأَنَّ اَلتَّضْعِيفَ يَخْتَصُّ بِمَنْ بَاشَرَ اَلْعَمَل قَالَ اَلْقُرْطُبِيّ: وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا اَلْحَدِيثِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَحَلّ اَلنِّزَاعِ لِأَنَّ اَلْمَطْلُوبَ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ اَلدَّالَّ عَلَى اَلْخَيْرِ مَثَلًا هَلْ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ مَعَ اَلتَّضْعِيف أَوْ بِغَيْرِ تَضْعِيف؟ وَحَدِيث اَلْبَابِ إِنَّمَا يَقْتَضِي اَلْمُشَارَكَةَ وَالْمُشَاطَرَةَ فَافْتَرَقَا.
ثَانِيهمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ اِحْتِمَالِ كَوْنٍ لَفَظَة " نِصْف " زَائِدَة.
قُلْت: وَلَا حَاجَةَ لِدَعْوَى زِيَادَتِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا فِي اَلصَّحِيحِ؛ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي تَوْجِيهِهَا أَنَّهَا أُطْلِقَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجْمُوعِ اَلثَّوَابِ اَلْحَاصِلِ لِلْغَازِي وَالْخَالِفِ لَهُ بِخَيْر فَإِنَّ اَلثَّوَابَ إِذَا اِنْقَسَمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ اَلْحَدِيثَيْنِ. وَأَمَّا مَنْ وَعَدَ بِمِثْلِ ثَوَابِ اَلْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ دَلَالَة أَوْ مُشَارَكَة أَوْ نِيَّة صَالِحَة فَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي عَدَمِ اَلتَّضْعِيفِ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَصَرْف اَلْخَبَر عَنْ ظَاهِرِهِ يَحْتَاجُ إِلَى مُسْتَنَد وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَ اَلْقَائِلِ أَنَّ اَلْعَامِلَ يُبَاشِرُ اَلْمَشَقَّة بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ اَلدَّالِّ وَنَحْوِه لَكِنَّ مَنْ يُجَهِّزُ اَلْغَازِيَ بِمَالِهِ مَثَلًا وَكَذَا مَنْ يَخْلُفُهُ فِيمَنْ يَتْرُكُ بَعْدَهُ يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنْ اَلْمَشَقَّةِ أَيْضًا فَإِنَّ اَلْغَازِيَّ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ اَلْغَزْو إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُكْفَى ذَلِكَ اَلْعَمَلُ فَصَارَ كَأَنَّهُ يُبَاشِرُ مَعَهُ اَلْغَزْوَ بِخِلَافِ مَنْ اِقْتَصَرَ عَلَى اَلنِّيَّةِ مَثَلًا وَاَللَّه أَعْلَمُ.
[3] - قلت: الإكراه نوعان بحق وبغير حق، وقد جاءت هذه الشريعة الغراء بهما معا
انظر جامع العلوم والحكم - (ج 39 / ص 18) وأحكام القرآن لابن العربي - (ج 5 / ص 215) وفتاوى الأزهر - (ج 2 / ص 68) وفتاوى الرملي - (ج 4 / ص 348) والفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 9 / ص 124 - 238) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 3620) والموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 2014) والفقه الإسلامي وأدلته - (ج 4 / ص 570) وحاشية رد المحتار - (ج 6 / ص 420) ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - (ج 7 / ص 305) والمجموع شرح المهذب - (ج 9 / ص 159) وحاشية البجيرمي على الخطيب - (ج 7 / ص 393) والمغني - (ج 16 / ص 239) وشرح زاد المستقنع - (ج 288 / ص 3) وأصول السرخسي - (ج 2 / ص 290) والتقرير والتحبير - (ج 4 / ص 12) والأشباه والنظائر - (ج 1 / ص 368) والقواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير - (ج 1 / ص 34) ودرر الحكام في شرح مجلة الأحكام - (ج 7 / ص 81).
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 294
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست