responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 274
فَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْجِهَادِ بِالْبَدَنِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْجِهَادُ بِالْمَالِ كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْجِهَادِ بِالْمَالِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْجِهَادُ بِالْبَدَنِ.
وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمَعْضُوبِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ مَا يَحُجُّ بِهِ الْغَيْرُ عَنْهُ وَأَوْجَبَ الْحَجَّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ بِمَالِهِ فَقَوْلُهُ ظَاهِرُ التَّنَاقُضِ [1].

[1] - وفي المنتقى - شرح الموطأ - (ج 2 / ص 342)
وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ أَوْ لِأَمْرٍ ثَابِتٍ فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ يَرْجُو بُرْأَهُ وَزَوَالَهُ كَالْأَمْرَاضِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنَّ هَذَا يَنْتَظِرُ الْبُرْءَ وَيُؤَدِّي الْحَجَّ فَأَمَّا إِنْ كَانَ لِأَمْرٍ ثَابِتٍ عَنْهُ كَالْهَرَمِ وَالزَّمَانَةِ فَهُوَ الَّذِي سُمِّيَ الْمَعْضُوبَ وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَنَا الْحَجُّ وَإِنْ وَجَدَ الْمَالَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، هُوَ مُسْتَطِيعٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَهُ يُؤَدِّي عَنْهُ الْحَجَّ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ وَجَدَ مَنْ يَبْذُلُ لَهُ الطَّاعَةَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ أَخٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِبَذْلِ هَذِهِ الطَّاعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَالْآيَةُ وَرَدَتْ مُقَيِّدَةً لِمَنْ يَسْتَطِيعُ السَّبِيلَ إِلَى الْبَيْتِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ السَّبِيلَ إِلَيْهِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْآيَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ صِفَةٌ مَوْجُودَةٌ بِالْمُسْتَطِيعِ كَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بِهِ اسْتِطَاعَةٌ فَلَيْسَ بِمُسْتَطِيعٍ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَجٌّ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مُكَلَّفٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ أَصْلُ ذَلِكَ الصَّحِيحُ أَمَّا هُمْ فَاحْتَجَّ مِنْ نَصِّ قَوْلِهِمْ بِقَوْلِ الْخَثْعَمِيَّةِ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا أَخْبَرَتْ أَنَّ الْحَجَّ اُفْتُرِضَ عَلَى أَبِيهَا فِي حَالِ كِبَرِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا ثَبَتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَاشِرَهُ بِنَفْسِهِ عَلِمْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ تَعَلَّقَ بِأَبِيهَا وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِينَ نَزَلَ وَأَبُوهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ تَوَجُّهُ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى النَّاسِ وَقَدْ شَرَطَ فِيهِ الِاسْتِطَاعَةَ وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ فَلَمْ يَتَوَجَّهْ فَرْضُهُ إِلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا قَالَتْ هَلْ يُقْضَى عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - نَعَمْ قَالُوا فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ لَهَا نَعَمْ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُقْضَى عَنْهُ حَجُّهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَجٌّ لَمَا قَضَتْ عَنْهُ شَيْئًا كَمَا لَا تَقْضِي عَنْهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْوَاجِبِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْضَى عَنْهُ مَا وَجَبَ مِثْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَيُلْحِقُهُ ذَلِكَ بِحَالَةِ مَنْ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فَأَدَّاهُ؛ لِأَنَّ حَالَتَهُ أَكْمَلُ مِنْ حَالَةِ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُؤَدِّهِ، ولذلك رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ الِابْنَ إِذَا أَرَادَ إلْحَاقَ أَبِيهِ بِحَالِ مَنْ أَدَّى دَيْنَهُ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ.
وانظر الفقه الإسلامي وأدلته - (ج 3 / ص 428) والموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 5859) و نيل الأوطار - (ج 7 / ص 226) والفقه الإسلامي وأصوله - (ج 2 / ص 459) ويسألونك فتاوى - (ج 4 / ص 254) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 1 / ص 32) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 3 / ص 60) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 3 / ص 1442)
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست