responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 271
وَأَمَّا فِي الْأَمْوَالِ فَإِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى سِلَاحٍ لِلْجِهَادِ فَعَلَى أَهْلِ السِّلَاحِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِعِوَضِ الْمِثْلِ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَحْبِسُوا السِّلَاحَ حَتَّى يَتَسَلَّطَ الْعَدُوُّ أَوْ يُبْذَلَ لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا يَخْتَارُونَ، وَالْإِمَامُ لَوْ عَيَّنَ أَهْلَ الْجِهَادِ لِلْجِهَادِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [1].

[1] - صحيح البخارى برقم (2783) ومسلم برقم (4936)
وفي شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 335)
قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء: الْهِجْرَة مِنْ دَار الْحَرْب إِلَى دَار السَّلَام بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث تَأْوِيلَيْنِ: أَحَدهمَا: لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح مِنْ مَكَّة لِأَنَّهَا صَارَتْ دَار إِسْلَام، فَلَا تُتَصَوَّر مِنْهَا الْهِجْرَة. وَالثَّانِي: هُوَ الْأَصَحّ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْهِجْرَة الْفَاضِلَة الْمُهِمَّة الْمَطْلُوبَة الَّتِي يَمْتَاز بِهَا أَهْلهَا اِمْتِيَازًا ظَاهِرًا اِنْقَطَعَتْ بِفَتْحِ مَكَّة، وَمَضَتْ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ هَاجَرُوا قَبْل فَتْح مَكَّة، لِأَنَّ الْإِسْلَام قَوِيَ وَعَزَّ بَعْدَ فَتْح مَكَّة عِزًّا ظَاهِرًا بِخِلَافِ مَا قَبْله.
قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّة) مَعْنَاهُ أَنَّ تَحْصِيل الْخَيْر بِسَبَبِ الْهِجْرَة قَدْ اِنْقَطَعَ بِفَتْحِ مَكَّة وَلَكِنْ حَصَّلُوهُ بِالْجِهَادِ وَالنِّيَّة الصَّالِحَة. وَفِي هَذَا: الْحَثّ عَلَى نِيَّة الْخَيْر مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ يُثَاب عَلَى النِّيَّة.
قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) مَعْنَاهُ: إِذَا طَلَبَكُمْ الْإِمَام لِلْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَاد فَاخْرُجُوا، وَهَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْجِهَاد لَيْسَ فَرْض عَيْن، بَلْ فَرْض كِفَايَة إِذَا فَعَلَهُ مَنْ تَحْصُل بِهِمْ الْكِفَايَة سَقَطَ الْحَرَج عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ تَرَكُوهُ كُلّهمْ أَثِمُوا كُلّهمْ، قَالَ أَصْحَابنَا: الْجِهَاد الْيَوْم فَرْض كِفَايَة، إِلَّا أَنْ يَنْزِل الْكُفَّار بِبَلَدِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَعَيَّن عَلَيْهِمْ الْجِهَاد، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْل ذَلِكَ الْبَلَد كِفَايَة وَجَبَ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ تَتْمِيم الْكِفَايَة، وَأَمَّا فِي زَمَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَالْأَصَحّ عِنْد أَصْحَابنَا أَنَّهُ كَانَ أَيْضًا فَرْض كِفَايَة. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ فَرْض عَيْن، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ كَانَ فَرْض كِفَايَة بِأَنَّهُ كَانَ تَغْزُو السَّرَايَا، وَفِيهَا بَعْضهمْ دُون بَعْض.
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست