responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 150
وعليه، وبناء على ما سبق، فإن حكم ما يسمَّى وسائل الاحتجاج الجماعي من مظاهرات واعتصامات وإضرابات ومهرجانات خطابية ومسيرات ..... الخ،
أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: محرمة، وذلك فيما لو كانت بقصد العنف المحرم - يستثنى ما يقع في أرض عدو محارب كفلسطين وغيرها ما لم يكن الضرر أعظم كما هو الحال في حكم الجهاد - أو كانت سلمية لكن يخشى إفضاؤها إلى عنف لعدم القدرة على السيطرة عليها، أو كانت سلمية أيضاً لكنها متضمنة لما يمنع شرعاً كاختلاط محرم بين الرجال والنساء، أو أدت إلى وقوع منكر أكبر، أو ضرر يصيب المسلمين أو شعائر دينهم كما يفعل الملحدون الروافض في الحرم، أو ضرر يلحق بالدعوة الإسلامية يربو على ما يتحقق بهذه الوسيلة من مصالح، وغالباً ما تكون كذلك في الأنظمة التي لا تنص قوانينها على حق المواطنين في التعبير عن الاحتجاج بهذه الوسائل العصرية، وهي في بلادنا الشرقية والعربية خاصة أكثر من غيرها.
القسم الثاني: مباحة، وهي فيما إذا كانت السلطة تسمح بهذه الوسائل وتنظيمها للاتحادات والنقابات ونحوها فتستعمل للوصول إلى غرض مباح، مثل زيادة الأجور أو تخفيف ساعات العمل أو الحصول على الحقوق المادية ونحو ذلك، أو تأمر بها الدولة لاستحثاث وسائل الإعلام لحماية مصالح مواطنيها في دولة أخرى أو إثارة قضية تخصها مثل الأسرى ونحو ذلك، فهذه كلها مباحة ما لم تؤد إلى الوقوع في محظور كما في القسم الأول فتمنع.
القسم الثاني: مستحبة - أو واجبة بحسب الحال وما يراد تحقيقه بها - وذلك فيما إذا كان مقصدها مستحباً أو واجباً، ومن أمثلة هذا النوع أن تكون في أرض العدو للضغط عليه للوصول إلى مصلحة شرعية للمسلمين، كما كان فيما سمي (مظاهرات الحجارة) التي قصد بها الشعب الفلسطيني إثارة الرأي العالمي ضد جرائم اليهود بالمسلمين، بغية تحريك القضية وفضح مكائد اليهود، ولم يبلغنا أن أحداً من علماء المسلمين حرم تلك المظاهرات، أو تكون للضغط على المحتل الكافر لإخراجه من البلاد كما كان يفعل المسلمون إبّان الاستعمار الذي عم البلاد الإسلامية، أو كانت وسيلة للخروج على حاكم يجب الخروج عليه مع القدرة لظهور الكفر البواح، وهذه فيما يخص مظاهرات العنف، ويجب أن يراعى فيها أن لا تتعدى إلى الاعتداء على المسلمين أو تؤدي إلى ضرر عليهم راجح على مصالحها.
وأما السلمية فتدخل في هذا القسم إذا كانت في أنظمة تسمح بها وتجعلها حقاً للأفراد عبر منظمات لهم تسمَّى نقابات أو اتحادات، فيسمح لهم القانون أن ينظموا إضراباً أو اعتصاماً أو مسيرة سلمية للحصول على مطالبهم فإذا كانت تلك المطالب شرعية دعوية، كان لهذه الوسيلة حكم مقصدها، وهذا - أعني السماح بهذه الوسائل - قد يكون عرفاً سائداً لا قانوناً منصوصاً عليه، فهذه كلها إذا خلت من محاذير أخرى فهي مستحبة - أو واجبة إذا لم يتم الواجب إلا بها وبحسب

اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست