responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 141
ويستفاد من القصة أن القاضي استعمل أثر الرأي العام لتحجيم السلطة ومنعها من التدخل في القضاء والتعسف في استعمال موقعها لإضاعة حقوق العباد، ويمكن أن يستفاد من هذه القصة استعمال وسيلة الإضراب عن العمل للضغط على السلطة بغية إلزامها بالحق وعدم التدخل للتأثير على القضاء ضد الشريعة [1].
وفي الجملة فالأمثلة كثيرة، وعلماء الإسلام لم يغفلوا عن أي وسيلة تمكنهم من منع السلطة من التعسف في استعمال أدواتها للالتفاف على الشريعة الإسلامية التي تمثل ثوابت الأمة التي لا تقبل الالتفاف عليها بوجه من الوجوه، لأن كيان الأمة أصلاً مبني على إقامة الشريعة الإسلامية وبدونها تضيع هويتها وتسلب مكانتها وتتهاوى هيبتها.
الوسيلة الرابعة: وسيلة استعمال جماعات الضغط في المجتمع:
والمقصود بهذه الوسيلة أن تستغل جماعات الضغط (وهي التكتلات التي تخشى السلطة من ردة فعلها إذا تعدت السلطة صلاحياتها أو قصرت في واجبها، ويكون لهذه التكتلات التي توجد في كل مجتمع قدرة على التأثير في السلطة، وربما كانت هذه التكتلات أحزاباً فكرية أو جبهة من العلماء الذين لهم ما يسمَّى هذه الأيام (سلطة روحية) على الشعب وقد تكون منافسة لسلطة الدولة، وربما كانت أقوى من سلطة الدولة في بعض الأحيان، أو طوائف مهنية أو مذهبية .. الخ) تستغل جماعات الضغط موقعها للرقابة وتقييد السلطة، وقد ورد في التاريخ الإسلامي كثير من النماذج التي تدل على وعي العلماء بأهمية هذه الوسيلة للرقابة على الحكام والقيام بواجب الحسبة عليهم:
فمن ذلك: ما ذكره ابن الجوزي في المنتظم قال في حوادث سنة 464هـ، قال: [2] (وفي جمادى الآخرة لقي أبو سعد بن أبي عمامة مغنية قد خرجت من عند تركي بنهر طابق فقبض على عودها وقطع أوتاره، فعادت إلى التركي فأخبرته، فبعث التركي إليه من كبس داره وأفلت، وعبر إلى الحريم إلى ابن أبي موسى الهاشمي شاكياً ما لقي، واجتمع الحنابلة في جامع القصر من الغد فأقاموا فيه مستغيثين، وأدخلوا معهم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وأصحابه، وطلبوا قلع المواخير وتتبع المفسدات ومن يبيع النبيذ وضرب دراهم المعاملة بها عوض القراضة، فتقدم أمير المؤمنين بذلك، فهرب المفسدات، وكبست الدور، وارتفعت الأنبذة، ووعد بقلع المواخير ومكاتبة عضد الدولة برفعها، والتقدم بضرب دراهم يتعامل بها، فلم يقتنع أقوام منهم بالوعد، وأظهر أبو إسحاق الخروج من البلد فروسل برسالة سكتته).

[1] - انظر فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 3 / ص 2584) رقم الفتوى 14719 المشاركة في الإضرابات ... رؤية شرعية و فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 9 / ص 2325) رقم الفتوى 62803 إضراب المدرسين عن العمل حتى تتحقق مطالبهم
[2] - (16/ 139) وانظر:
http://www.h-alali.net/f_open.php?id=d05a6424-dc23-1029-a62a-0010dc91cf69
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست