اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 0 صفحة : 61
وخطورته، وإن لم يلتفت إِليه أَئمتنا السابقون، وهو ما يترتب عليها من "اختلال النسب" التي وضعها الشارع الحكيم للتكاليف والأَعمال، فلكل عمل - مأْمور به أَو منهي عنه - وزن أَو "سعر" معين في نظر الشارع بالنسبة لغيره من الأَعمال، ولا يجوز لنا أَن نتجاوز به حدّه الذي حدّه له الشارع، فنهبط به عن مكانته، أَو نرتفع به فوق مقداره.
ومن أَشد الأُمور خطراً إِعطاء قيمة لبعض الأَعمال الصالحة، أَكبر من حجمها وأَكثر مما تستحقه، بتضخيم ما فيها من ثواب، حتى تطغى على ما هو أَهمّ منها وأَعلى درجة في نظر الدين.
وفي مقابل ذلك إِعطاء أَهمية لبعض الأَعمال المحظورة، تضخيم ما فيها من عقاب بحيث تجوز على غيرها.
وقد ترتب على التهويل والمبالغات في الوعد بالثواب، والوعيد بالعقاب: تشويه صورة الدين في نظر المثقفين المستنيرين، حيث ينسبون هذا الذي يسمعونه أَو يقروونه إلى الدين نفسه، والدين منه براء.
وكثيراً ما أَدت هذه المبالغات - وخصوصاً في جانب الترهيب - إلى نتائج عكسية واضطرابات نفسية، وكثيراً ما بغّض هؤلاء المبالغون رب الناس إلى الناس، ونفروهم منه، وأَبعدوهم عن رحابه.
والواجب أَن نبقى الأعمال على مراتبها الشرعية، دون أَن نقع في شرك المبالغات التي تشدّنا إِلى أَحد طرفي الإِفراط والتفريط، كما قال علي بن أَبي طالب رضي الله عنه: عليكم بالنمط الأوسط.
اسم الکتاب : المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 0 صفحة : 61