اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه الجزء : 1 صفحة : 186
له وإنما يقال: قد ناوأه، إذا نازعه وطلب أن يساويه أو يغلبه، وإن لم يعاده وهذا ظاهر معروف عند جميع أهل اللغة.
وأما قوله: تقول والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت في قتله، فهذا قول علي عليه السلام. ومعناه ما عاونت ولا استعنت؛/ لأن فاعلت فعل لا يكون إلا من اثنين، يفعل كل واحد منهما بالآخر مثل فعله به، نحو: عاونت وشايعت وبايعت. وإنما هو مأخوذ من قولهم: ملأت الإناء وغيره، وامتلأت من الشيء وهو معروف. والفاعل: مالِئ، أي يريد ما ملأت قلب أحد ولا ملأ قلبي أحد من قتل عثمان، أي ما عاونني أحد على ذلك، ولا عاونت أحدا.
وأما قوله: روأت في الأمر، والروية جرت في كلامهم غير مهموزة فإن معنى روأت: تدبرت ونظرت وفكرت في الأمر. وأصله الهمز، وترك الهمز فيه جائز. والروية اسم منه عند النحويين واللغويين، كالمصدر، وإن كانت العرب قد تركت الهمز فيه تخفيفا؛ لكثرة الاستعمال. وأنشدونا عن الخليل:
لا خير في رأي بغير روية ولا خير في جهل تعاب به عيبا
والروية على وزن فعيلة. والعامة تقول: رويت في الأمر، بغير همز، والهمز أفصح وأكثر، وليس يمتنع أن تكون الروية من الري. ومعناه: إشباع الرأي والاستقصاء في تأمله. ويكون قول العامة في الفعل: رويت في الأمر منه: أي أنعمت النظر. فأما المصدر من الهمز وترك الهمز فعلى مثال: التفعلة؛ وهو التروئة، والتروية، كما قيل: يوم التروية.
فهذا آخر تفسير هذا الباب.
* * *
اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه الجزء : 1 صفحة : 186