responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 138
ومما يوضح فساد تأويلهم؛ أن العرب تسمى "القنفذ" مدلجا؛ لأنه يدرج بالليل، ويتردد فيه، لا لأنه لا يدرج، إلا في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، أو فيه كله. ولكنه يظهر بالليل في أي أوقاته احتاج إلى الدروج، لطلب علف أو ماء أو غير ذلك، فالادلاج بالتشديد إنما هو الافتعال بزيادة التاء، وهذه التاء ليست بعلامة لآخر أوقات الليل في مذهب أحد من العلماء بالنحو واللغة، ولكنها تأتي في الفعل والمصدر، لمعان غير الأوقات منها: أن تكون بدلا من نون الانفعال كقولك: اضطرب في معنى انضرب، لأن وزن الفعلين واحد، والزيادتين على حرف واحد ساكن، في موضع واحد. والنون الساكنة تخفي مع جميع الحروف، إلا مع حروف الحلق خاصة، فلما كانت التاء تدغم في مقاربتها فتخفى، كما تخفى النون مع سائر الحروف وقعت موقعها، ونابت عنها، فكأن المعنى في الادلاج المشدد: المطاوعة، كأنه قيل: أدلجت به فاندلج، فجاء ادلاج بدلا من اندلج، لما وصفنا. ومما يبين ذلك ما قلنا أنه يروى عن النبي صلى الله عليه أنه قال: "من بكر وابتكر، وغسل واغتسل، ودنا واستمع".
فلم يزعم أحد من العلماء باللغة والفقه أن معنى ابتكر واغتسل واستمع لآخر أوقات البكور أو الغسل أو السمع. وإنما المعنى من بكر بغيره، وابتكر هو أو من بكر به غيره فانقاد للبكور، ومن غسل غيره واغتسل هو، وكذلك قوله: فاستمع، كأنه أسمعه الإمام فاستمع له، فإنما/ تدخل هذه التاء في الفعل والمصدر لمعان معلومة محدودة عند أهل النحو، فتكون طوراً بمزلة الفعل، وطورا بمنزلة أفعل، وطورا بمنزلة فعل، المشددة، ونحو ذلك، مما يطول شرحه، لا لشيء من الأوقات وتقديمها وتأخيرها. وقد استقصينا تبيين ذلك في غير هذا الكتاب، بحجج كثيرة من الشعر وغيره. وليس الادلاج بالتشديد أيضاً من هذا الباب؛ لأنه قد ترجم الباب بفعل وأفعل خاصة، والادلاج الافتعال من افتعل، فلم يكن لوضعه ههنا معنى، ولا هو من لحن العامة في شيء، ولا تعرف العامة الإدلاج بالتخفيف، إلا في جميع أوقات الليل، وهو مذهب صحيح، ليس بخطأ. ولا يعرفون الادلاج بالتشديد أصلا.
وأما قوله: أعقدت العسل وغيره، فهو مُعْقد وعقيد، وعقدت الحبل والعهد، فهو معقود، فإن معنى معقد أن اشتد العسل ونحوه، والأصل فيه أن يكون فعله غير متعد،

اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست