responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 137
في صدر الباب ما غلط فيه المتأولون على الشعراء، لقول الأعشى وزهير وغيرهما، ألا ترون قول عمرو بن شأس:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا بذكراك حاديا
فلم يرد "عمرو" أن ذكرها عند السير في أول الليل يحرك الإبل على المسير دون وسطه أو آخره؛ لأن ذكراها مشوقة له، وللحداة، وللإبل، في أي وقت من أوقات الليل سار، ولو كان عني أنه لا يذكر ولا يشتاق إلا في أول الليل أو في سير أول/ الليل، لما كان محمودا ذلك منه، بل كان عيبا عليه، وعلى شعره. وقد زعم "الخليل" أن الإدلاج، مخففا: سير الليل كله، وأن الادّلاج، بالتشديد سير آخر الليل، فقد دل بهذا التفسير على أن الادّلاج بالتشديد أيضاً إدلاج، إذ كان قد قدم أن الادلاج مخففا سير الليل كله. ولكن الذي قاله في التشديد إنما هو شيء تأولوه في بيت الأعشى: وادّلاج بعد المنام- فظنوا أن الافتعال يغير الوقت عن وقت الإفعال؛ إذ قرنه الشاعر بقوله: بعد المنام، وقد يكون "بعد المنام" أول الليل أو أوسطه لأن النوم تختلف أوقاته، وكذلك الانتباه. ولو كان الافتعال يخص وقتاً آخر، لكانت أمثلة الإفعال والمصادر عليها، موضوعة على توقيت الساعات، وليس ذلك قول أحد من النحويين، ولكن الأمثلة عند جميعهم موضوعة لاختلاف معاني الأفعال في أنفسها، لا لاختلاف أوقاتها. وهذا إجماع النحويين وقياسهم، وما يوجبه العقل والنظر، ولا يمكن دفعه، وقال الشاعر:
زودينا عبيد قبل ادلاج وركوب المضمرات النواجي
فمن الظاهر البين أنه لم يرد أن تزوده قبل آخر الليل، ولا قبل سير آخره ولا قصد أول الليل، ولا أوسطه. وإنما سألها أن تزوده منها قبل المسير والمفارقة، وذكر الادلاج؛ لأن مسيرهم لا يكاد يكون إلا ليلا، كما قال الآخر:
قل لأسماء أنجزي الميعادا وانظري أن تزودي منك زادا
وقال النابعة:/
أمن آل مية رائح أو مغتدي عجلان ذا زاد وغير مزود

اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست